/ صفحة 181/
فأما أنا، فانما قصدت هنا أن أعرض عرضاً اجمالياً لابرز مواضع الجمال الفنى في شعره، وأتبعها بأظهر مواضع الضعف فيه، لانتهى من ذلك إلى رأى مدلل، وحكم خاص، على قدر نظرى القريب، وطاقتى المحدودة.
* * *
أجاد الكميت وأتى بني أمية بمؤيدة، أشد عليهم من الصواعد المدمرة، ومن النار المحرقة، باحتجاجه لاستحقاق الهاشميين للخلافة; ذلك الاحتجاج الدامغ الذي لامهرب من سطوته، ولا خلاص من منطقه القاطع الا بالانقطاع والخذلان.
فانحراف الخلافة عن بني هاشم في نظر جمهور المسلمين، إنّما كان لأن النبي لا يورث; ولكنها كذلك لم تعدل عن الاوس والخزرج الا بحجة أن ((الائمة من قريش)) ولما تنازعها المهاجرين والانصار يوم السقيفة، كان الفيصل فيها كلمة الصديق رضي الله عنه: ((أن العرب لاتدين الا لهذا الحى من قريش)) فهى - إذا - إنّما وصلت إلى الخلفاء الراشدين ثم إلى الامويين على طريق الوراثة القبلية عن ((قريش)) ولو لا ذلك لنالتها اليمن التي دفعت عنها في أشخاص آبني قيلة يوم السقيفة بهذه الحجة; ولنالتها ربيعة التي جاء الإسلام وهي أقوى قبيلة، حتى قيل: لولا مطلع الإسلام لاكلت ربيعة العرب. ولنا لها غيرهم وغيرهم من القبائل; فكيف تنكرون على غيركم ما تعرفون لانفسكم؟!
يقولون: لم يورث ولولا تراثه *** لقد شركت فيه بكيل وأرحب
وعك ولخم والسكون وحمير *** وكندة والحيان: بكر وتغلب
ولا نتشلت عضوين منها يحابر *** وكان لعبد القيس عضو مؤرّب(1)
ولا نتقلت من خندف في سواهم *** ولا قتدحت قيس بها ثم أثقبوا
ولا كانت الانصار فيها أذلة *** ولا غيبا عنها إذ الناس غيّب
وأجاد الكميت معنى وأداء، في تعيير بني أمية باغتصاب حقوق الهاشميين
ــــــــــ
(1) مؤرب: موفر لم ينقص منه شيء.