/ صفحة 18/
لا يرفعه أن كان الحيوان ملكا لغير المسلم، أو طعاما له، فانه لم يعهد أن يحرم شيء لمعنى على طائفة، ثم يباح لها إذا كان لغيرها مع وجود معنى التحريم فيه. وإذا نظرنا إلى أن التكاليف الإسلامية وما تضمنته من تحليل وتحريم، هي في واقعها، وفيما أراد الله من جعل الرسالة المحمديه وشرائعها عامة، لجميع الناس، وأن الناس جميعاً مكلفون بها، يظهر لهذا الرأي قوة فوق قوته. نعم جعل الشارع سبحانه، عدم ايمانهم بالرسالة مبيحا لتركهم وما يدينون وان كان باطلا في ذاته، وذلك تسامح منه سبحانه قضت به محبة الأمن والاستقرار، وعدم الاكراه في الدين. وهذه مبادىء قررها الإسلام صونا للجماعة وحفظا للنظام، أما قول المرجحين للاباحة، ان الله سبحانه اباح ((طعام اهل الكتاب)) للمؤمنين وهو ما يقولون ويفعلون، فيقابله ان الله سبحانه اباحه للمؤمنين وهو ايضاً يعلم ما حرمه عليهم، ويعلم أنهم يعلمونه، ويعلمون أن تحريمه لم يكن لأنه ملك لهم، بل لمعنى متصل به ومتحقق فيه ولا تأثير لصفة المالك عليه.
هذا موقفنا بين الفتويين، وبعبارة أخرى بين الرايين، ولكل مجتهد نصيب.
هل اباحة التزوج بالكتابيات مطلقة؟:
أما الكلمة الثانية: فهى في شأن التزوج من نسائهم، وهو المذكور بقوله تعالى (( والمحصنات من المؤمنات، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم)) فقد أخذه الجمهور على عمومه، وأباحوا التزوج من أهل الكتاب وان غيروا وبدلوا، ذميين كانوا أوحربيين. وقيده جماعة بالذميين دون الحربيين. وذهب جماعة من السلف إلى أن أهل الكتاب قد غيروا وبّدلواو عبدوا المسيح، وقالوا ان الله ثالث ثلاثة، فهم بذلك والمشركون في العقيدة سواء وقد حرم الله التزوج من المشركين، ونسب ذلك الرأي إلى عبد الله بن عمر، وغيره من الصحابة، وتأولوا الآية بوجوه أقربها انها رخصة خاصة في الوقت الذي نزلت فيه، قال عطاء: إنّما رخص الله في التزوج بالكتابية في ذلك الوقت لأنه كان في المسلمات قلة. اما الآن ففيهن الكثرة العظيمة، فزالت الحاجة فلا جرم زالت الرخصة.