/ صفحة 19/
رأينا في ذلك:
والذى نراه في المسألة أنه ليس في الآية ما يدل على انه رخصة، ولا نعلم في الشريعة ما يدل على انه رخصة، والآية دلت على الاباحة المطلقة ولم تقيد بوقت خاص ولا حالة خاصة، وعلى هذا يكون القول بحرمة التزوج من نسائهم وقفاً لحكم الآية، أو نسخاً لها بغير دليل. ومن المعلوم من تعاليم الشريعة العامة ان الله فرق بين اهل الكتاب والمشركين في كثير من الأحكام، وذلك نظراً لما بينهم من الاختلاف الشاسع في العقيدة الأمر الذي جعل اهل الكتاب اقرب للمؤمنين من المشركين، ومن هذه الأحكام ان شرع للمؤمنين الذين يعتزون بايمانهم، ويكونون مثلا اعلى للأخلاق الإسلامية، التزوج من اهل الكتاب ليكون ذلك التزوج بمثابة رسول من رسل المحبة والألفة، فيزول ما في صدروهم للاسلام من جفوة، ويعرفون محاسنه وفضائله عن كثب. اما قولهم: ان الله ثالث ثلاثة، والمسيح أو عزيراً ابن اللهو انّ محمداً ليس برسول، فهذاكلّه ليس معناه انكارهم الوهية الله، ولا انكارهم اصل الوحى والرسالة بخلاف المشركين في ذلك كله.
نعم أن ما نراه اليوم في بعض المسلمين من رغبة التزوج بنساء الا فرنج لا لغاية سوى أنها افر نجية تنتمى إلى شعب أوربى، ثم يضع بذلك نفسه وأولاده ومعيشته تحت تصرفها ورأيها، ويتخذها قدوة له، ويتخذها قائدا يسير خلفه، ولا يرى نفسه الا تابعاً لها، مسايراً لرأيها ومشورتها، فتذهب بأولاده إلى الكنيسة كما تشاء، وتسميهم بأسماء قومها كما تشاء، وتربط في صدورهم شعار اليهودية أو النصرانية، وترسم في حجر منزلها ما نعلم، ثم بعد ذلك كله تنشئهم على ما لها من عادات في المأكل والمشرب والاختلاط وغير ذلك مما لا يعرفه الإسلام ولا يرضاه، ومما يعتبر الرضا به والسكوت عليه كفراً وخروجاً عن الملة والدين ان ما نراه من كل ذلك عكس للقضية، وقلب للحكمة التي احل الله لأجلها التزوج من الكتابيات، ولا ريب انه لمثل هذا القلب قد حرم الله على المسلمة التزوج