/ صفحة 158/
الشريعة الإسلامية والقانون الادارى:
(ا)نظرية الصالح العام:
من أهم النظريات الحديثة في القانون الادارى أن جميع تصرفات الحكام يجب أن ترمى إلى رعاية الصالح العام: صالح الجماعة، من ايصال الحق أو دفع الباطل، وفرعوا على ذلك بطلان تصرفات الحكام ولو كانت موافقة للقانون من ناحية الشكل والموضوع إذا ما انحرف الحاكم بسلطانه وبالقانون عما أعد له، العيب الذي يشوب مثل هذه التصرفات ويبطلها هو عيب اساءة استعمال السلطة، ومما فرعوه على ذلك أيضاً اهدار المصلة الشخصية في سبيل رعاية المصلحة العامة، وهذه النظرية قديمة عريقة في القدم في الشريعة الإسلامية، ويسميها فقهاؤنا: (باب رعاية المصلحة) وفي كنف هذه النظرية واستعمالا لها عطل عمر بعض الحدود عام المجاعة ((كيف يقيم حد السرقة مثلا على جائع كادت تهلكه المجاعة فسرق لدفع الهلكة عن نفسه، لا ضرر ولا ضرار في الإسلام، والضرورات تبيح المحظورات، وقد فعل مثل ذلك مقتدياً بسنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سعد بن أبي وقاص حين كان يقود المسلمين في حرب القادسية، إذ كان قد قيد أبا محجن توطئة لاقامة حد شرب الخمر عليه وهوالجلد، ولما كان أبو محجن قد أبلى بلاء حسنا في تلك الحملة راجع سعد نفسه ورأى من الصالح العام أن يعفو عنه وقالته في ذلك معروفة: ((لا والله لا أضرب اليوم رجلا أبلى الله على يديه للمسلمين ما أبلى)) وأطلقه، فنظر أبو محجن في أمر نفسه وتاب عن شربها وقال: ((كنت أشربها حيث كان الحد يقام علىّ، واطّهر منها ومن اثمها. أما اليوم فو الله لا اشربها ابدا)) .(ص 27 الخراج)
(ب) ولاية الوظائف العامة حق سواء للكفاة القادرين الصالحين:
لا محسوبية ولا قرابة ولا غرض ولاهوى ولا حزبية:
وهذا الرسول الكريم يضرب أروع الأمثال في ذلك، فقد ذهب إلى عمه العباس وهو من هو بلاء وذوداً عن حياض النبي وعن الإسلام، فهو الذي سمع