/ صفحة 156/
حرية الفكر: قال تعالى ((قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق، ولم يحد من هذه الحرية المطلقة سوى قول الرسول: (لاتفكروا في الله فتضلوا وتفكروا في خلق الله)) .
حرية القول: وهي جماع ما عرفته الدساتير الحديثة من حرية الكلام وحرية الخطابة، وحرية الكتابة وحرية النقد، فقد أمرنا الله أن نصدع بالحق ونأمر بالعدل والاحسان، وننهى عن المنكر والبغى، ونحاج باللين والمنطق، وندعو إلى ما نعتقد بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا نقر ظلماً، ولا نسكت على ضيم أو خسف، كل ذلك ذلك دون أن نقول زوراً، أو نفترى بهتان، أو نعصى الله وهذا أبوبكر يقول للناس في أول خطبة له عند ما ولى الخلافة (أطيعونى ما أطعت الله فيكم)) وهذا ثانى الخلفاء عمر الفاروق يخطب فيقول (من رأى منكم في اعوجاجا فليقومه)) فرد عليه واحد من عامة الناس (والله لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بحد السيف) فحمد الله على أن جلع في الأُمة من يقوّم اعوجاج عمر بحد السيف وهو الذي خطب الناس يحثهم على الاقلال من المهور، فتقول له امرأة من آخر المسجد (ليس ذاك يا عمر ايعطينا الله بالقنطار وتعطينا بالدينار) فلم يحفل من مقاطعتها وقولها، بل قال: أصابت امرأة وأخطأ عمر... وهو الذي كان يمشى في المدينة فلقيته عجوز فاستوقفته، وأخذت تملى عليه ارشاداتها وتنبهه إلى ما تراه حقاً وأوصته بالعدل في الرعية، فما تولاه منها برم، ولا أزعجه منها نقد.
حرية العمل: وهذه تنتظم أكثر ما وسعته الدساتير الوضعية من حرية الاجتماع فقد نهى النبي عن الاجتماع إلى قوم في مجلسهم من غير اذن منهم، وعن الجلوس بين اثنين بغير رخصة منهم. وكذا حرية المسكن، فحرمته مصونة في الإسلام، ((لاتدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا)) ((و ان قيل لكم ارجعوا فارجعوا)) ونهى الرسول عن النظر إلى الجيران من منافذ منازلهم (من نظر إلى كوّة جاره فانما ينظر في النار) (من تتبع عوارت الناس تتبع الله عوراته، ومن تتبع الله عوراته فضحه ولو في عقر داره). حتى حرية اللباس، فقد حفظها الإسلام