/ صفحة 155/
خلفاء رسول الله يمثلون في مجلس القضاء إذا ما دعوا، وكان القضاة يسوّون بينهم وبين خصومهم في الخطاب وطريق التداعى وفي المجلس، فهذا عمر بن عبدالعزيز خليفة المسلمين يذهب إلى المجلس القضاء حين قاضاه المصرى يطلب أرضاً بحلوان فأذن القاضى - بعد أن أجلس الخصمين أمامه - للمصرى بالكلام أولا إذ البينة على من ادعى، ولم يتلكم الخليفة الا بعد أن أذن له القاضى، ثم قضى للمصرى، فقال عمر: ان أبي أنفق عليها ألف ألف درهم في الاصلاح فيقدر القاضى غلة الأرض ويجعل الربع في مقابل الاصلاح.
وهذا أبو جعفر المنصور يقاضيه أحدهم أمام قاضى المدينة، فيكتب القاضى للخليفة بالحضور، فحضر وأمر القاضى جلساءه ألا يقوموا للخليفة عند دخوله.
وهذا المأمون يقاضيه أحد أفراد رعيته لدى القاضى فينتظر حتى يجىء دوره فينادى عليه الحاجب فيدخل، فيطرح بعض أفراد الحاشية مصلى ليجلس عليها الخليفة، فيقول القاضى: يأميرالمؤمنين لا تأخذ على خصمك شرف المجلس.
وأمر فطرحت مصلى أخرى ليجلس عليها الخصم مساواة له بالخليفة.
ولعل أروع ما نختتم به الحديث في هذه الناحية ما كان من أميرالمؤمنين عمر ابن الخطاب لعلي بن أبي طالب حين قاضاه اليهودى ورآه عمر جالساً فقال له فم يأبا الحسن وساو خصمك، وبعد أن قضى بينهما لاحظ شيئاً من الالم في وجه على، وظن عمر أن علياً تألم لامره بالوقوف فسأل علياً فقال لا، بل ان ألمى لانك لم تسوّ بينى وبين خصمى فانك إذ ناديتنى كنيتنى وقلت يأبا الحسن، ولم تكن خصمى بل ناديته باسمه مجرداً، فلم تسوّ بيننا.
(ب) الحريات العامة في الشريعة الإسلامية وفي الدساتير الوضعية:
كفلت الشريعة الإسلامية لبنى الإنسان حريتهم الشخصية بأوسع مما خطر على بال واضعى الدساتير العصرية، واليك بعض الأمثال:
الحرية الشخصية: كتب عمر إلى أحد ولانه يقول متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحراراً.