/ صفحة 151/
تامة، بل أليس الازهر يدرس في احدى كلياته أقوال الفلاسفة والمعتزلة والجبرية وغيرهم فيحكم في آرائهم الحجة والبرهان، ويأخذ بما يراه حقاً، ويبطل ما يراه باطلا، فهل يكون الفقه الشيعى الامامى أو الزيدى أخطر من هذه المذاهب حتى يتحفظ في شأنه هذا التحفظ؟
ثم ألم تأخذ لجنة الاحوال الشخصية في مصر بأحكام من هذا الفقه، وفيها صفوة من رجال الازهر وكبار علمائه؟
* * *
وفي الوقت الذي يقف فيه هؤلاء من التقريب هذا الموقف، فيرونه أملا بعيداً، ويتخيلون في طريقه ما شاء لهم الخيال من عقبات وأهوال، لايخلوا التقريب من أفراد آخرين يقفون على طرف النقيض من هؤلاء، فيقولون: لماذا تكتفون بالتقريب؟ وكيف تبذلون في سبيله ما تبذلون من جهود؟ هلا كانت دعوتكم إلى الاندماج والتوحيد؟ أليست الاصول واحدة، وقواعد البحث والنظر واحدة؟
ولسنا الآن بصدد الرد على هذه الفكرة، وبيان ما فيها من خطأ، وما يدعونا إلى رفضها وابعادها - فقد نفرد لذلك فيما بعد مقالا - وإنّما نذكرها لنسجل هذا الاختلاف الواضح بين طرفي النقيض من الفريقين: هل التقريب جرأة واقتحام، أو تقصير واحجام؟
* * *
الحق كل الحق أنه لا ضرر على المسلمين في أن يختلفوا، فإن الاختلاف سنة من سنن الاجتماع، ولكن الضرر كل الضرر في أن يفضى بهم الخلاف إلى القطيعة والخروج على مقتضى الاخوة التي أثبتها الله في كتابه العزيز لا على أنها شيء يؤمر به المؤمنون، ولكن على أنها حقيقة واقعة رضي الناس أم أبوا: ((إنّما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم، واتقوالله لعلكم ترحمون)) .