/ صفحة 135/
اجتمعا على معمول واحد كان اعمال الاقرب أولى فوجب أن يكون عامل النصب في قوله ((و أرجلكم)) هو قوله ((و امسحوا)) فثبت أن قراءة ((و أرجلكم)) بنصب اللام توجب المسح أيضا. فهذا وجه الاستدلال بهذه الآية على وجوب المسح، ثم قالوا: ولا يجوز دفع ذلك بالاخبار لانها بأسرها من باب الاحاد ونسخ القرآن بخبر الواحد لا يجوز.
رد الامام الرازى عليهم:
ثم قال واعلم أنه لا يمكن الجواب عن هذا الا من وجهين:
الأول: ان الاخبار الكثيرة وردت بايجاب الغسل، والغسل مشتمل على المسح ولا ينعكس، فكان الغسل أقرب إلى الاحتياط فوجب المصير إليه، وعلى هذا الوجه يجب القطع بأن غسل الرجل يقوم مقام مسحها.
والثانى: أن فرض الرجلين محدود إلى الكعبين، والتحديد إنّما جاء في الغسل لا في المسح.
رأينا في ذلك:
والذي نفهمه أن الغسل غير المسح، وأن الاتيان بأحدهما لا يحقق الأمر بالاخر، فالله إذا أمر بالمسح، وهو غير الغسل، لا يعد ممتثلا للامر من أتى بالغسل وبالعكس، واقامة أحدهما مقام الاخر تحتاج إلى دليل شرعى، وليس هناك من دليل على ذلك، فجوابه الأول غير مقبول في نظرنا. نعم لجوابه الثانى وجهة نظر قوية، ويضم إليها أن الكعبين قد عرف في اللغة، وفي العرف أنهما العظمان النائتان في جانبى الساق، ومنشأ القول بغير ذلك افتراض أن وظيفة الرجل المسح، وهو أصل الدعوى فلا ينهض دليلا على أن هذا هو معنى الكعب.
بقى أن عمل الاخبار التي تكاد تبلغ حد التواتر في أن وظيفة الرجل ((الغسل)) ليس هو نسخ الكتاب بالاحاد، وإنّما هو بيان وترجيح لاختيار أن قراءة النصب مبنية على اعتبار الارجل معمولة لقوله ((اغسلوا)) وليس واجباً أن تكون معطوفة على المحل في قوله: ((و امسحوا برءوسكم)) وما دامت الاحاديث