/ صفحة 134/
على الرءوس الممسوحة حتى تشاركها في المسح وإنّما كان الجر بحكم المجاورة الذي عرف كثيراً في اللغة العربية.
حجة من قال أن الغرض مسحهما لا غسلهما:
ويجدر بنا هنا أن نسوق عبارة الفخر الرازى في الاحتجاج لمن قال بوجوب المسح. قال: حجة من قال بوجوب المسح مبنية على القراءتين المشهورتين في قوله وأرجلكم، فقرأ ابن كثير وحمزة وعاصم في رواية أبي بكر عنه بالجر، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم في روياة حفص عنه بالنصب، فنقول:
أماالقراءة بالجر فهى تقتضى كون الارجل معطوفة على الرءوس، فكما وجب المسح في الرأس فكذلك في الارجل، فإن قيل: لم لايجوز أن يقال هذا جر على الجوار كما في قوله ((جحر ضبّ خرب)) وقوله ((كبير أناس في بحاد مزمّل)) قلنا هذا باطل من وجوه:
الأول: أن الكسر على الجوار معدود في اللحن الذي قد يتحمل لاجل الضرورة في الشعر، وكلام الله يجب تنزيهه عنه.
وثانيها: أن الكسر إنّما يصار إليه حيث يحصل الامن من الالتباس كما في قوله ((جحر ضبّ خرب)) فإن من المعلوم بالضرورة أن الخرب لايكون نعتاً للضب بل للجحر، وفي هذه الآية الامن من الالتباس غير حاصل.
وثالثها: أن الكسر بالجوار إنّما يكون بدون حرف العطف، وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب.
وأماالقراءة بالنصب فقالوا إنها أيضا توجب المسح، وذلك لأن قوله وامسحوا برءوسكم. فرءوسكم في محل النصب، ولكنها مجرورة بالباء، فإذا عطفت الارجل على الرءوس جاز في الارجل النصب عطفاً على محل الرءوس، وجاز الجر عطفاً على الظاهر وهذا مذهب مشهور للنحاة. إذا ثبت هذا فنقول: ظهر أنه يجوز أن يكون عامل النصب في قوله ((و أرجلكم)) هو قوله: ((و امسحوا)) ويجوز أن يكون هو قوله ((فاغسلوا)) لكن العاملين إذا