/ صفحة 126/
حتى يقام في الصف. والاحاديث الواردة في فضل الجماعة والحث عليها كثيرة صحيحة ومن أرادها فليرجع إليها في كتب الحديث.
دلالتها على أن الصلاة ليست مجرد عبادة شخصية:
والذي يهمنا من هذا أن الصلاة ليست كما يظن كثير من المسلمين مجرد عبادة شخصية يقوم بها المؤمن فيما بينه وبين ربه، تقتصر فائدتها على تهذيب النفس وإنّما هي مع ذلك جعلت عن طريق الاجتماعى لها - فرضا كان الاجتماع أم سنة أم فضيلة - سبيلا لتعارف المؤمنين وتفاهمهم فيما يحتاجون إليه من خير في دينهم ودنياهم، وبذلك كان مكان اجتماعهم في الصلوات الخمس اشبه بالنوادى التي يهرع إليها أهل الحى الواحد في أوقات متعددة معينة على وجه منظم محدد، وفيها يتعارفون ويتبادلون المنافع والاراء فيما يحتاجون إليه جماعات وأفرادا. وتحقيقا لهذه الغاية أوجب الجماعة في نطاق أوسع على أهل البلدة الواحدة، أو ما هو في حكم البلدة الواحدة كل أسبوع، وجعل ذلك شرطا في صحة الصلاة التي تؤدى في ذلك الاجتماع وهي صلاة الجمعة، يجتمعون فيها للتعارف والتعاون، واستماع الوعظ والارشاد، وبيان أحكام الله فيما يحل وما لا يحل، وبذلك أخذت هذه الصلاة لون المحاضرات والدروس الدينية يجتمع لها المؤمنون لتلقى أحكام الله ومعرفة دينه. وصارت اجتماعات تعاوينة ثقافية. ولم يقف الدين الإسلامي في الحث على الاجتماع عند هذا الحد الاسبوعى. بل أوجبه بصفة أعم وأوسع في كل عام لاداء صلاة العيدين ثم أوجبه بصفة جامعة للمسلمين من كافة الاقطار في أداء ركن من أركان الدين وهو الحج الذي يفد له المسلمون من كل فج إلى بيت الله الحرام في مكة منبع الهدى والنور. وهناك يجتمعون لاداء المناسك، ورؤيه المشاهد، وتذكر أماكن الوحى وآثار النبي وصحبه الذين قاموا بتركيز هذا الدين ونشره على عباد الله في كافة المعمورة.
اشتمال الصلاة على جميع أساليب التعظيم:
ولا يفوتنا في هذا المقام لفت الانظار إلى ما احتوت عليه أفعال الصلاة