/ صفحة 125/
المعطوف غير المعطوف عليه أن الصلوات المأمور بها هي خمس لأن أقل جمع يكون له وسط يتحقق الجمع بدونه هو خمس.
والواقع أننا لسنا في حاجة إلى تكلف مثل هذا الاستدلال على أن الصلوات المفروضة خمس فإن التواتر العملى الذي طبق الافاق الإسلامية منذ عهد الرسالة إلى يومنا هذا من أقوى الأدلة اليقينية القطعية على أن الصلوات التي فرضها الله في الإسلام هي ((خمس)) وما كان اجماع المسلمين في جميع العصور على أن من جحد صلاة منها يكون كافرا وخارجا عن الملة لا يجرى عليه شيء من أحكام الإسلام، الا أثراً من آثار تلك القطعية التي تعلو عن مرتبة الاستدلال عليها بمثل هذا الطريق الذي سلكه بعض العلماء في آية المحافظة على الصلوات. ومن هنا صح لنا كما صح لغيرنا أن نحمل الصلاة الوسطى في الآية على أنها الصلاة التي يحضر فيها القلب، وتنزاح عنه فيها الوساوس، ويتجه بها إلى الله وحده، مستشعرا عظمته، مستمطرا رحمته، وبذلك تكون الوسطى، لابمعنى التي تقع في الوسط، بل بمعنى ((الفضلى)) وهي ذات الخشوع والتمثل لعظمة الله كما ينبىء عنه قوله بعدها (( وقوموا لله قانتين)) .
فضل صلاة الجماعة:
هذا وقد طلب الله من المؤمنين تحصيلا لفوائد الصلاة الاجتماعية أداءها بجماعة، كما طلب منهم تسوية صفوفهم فيها خلف الامام. وقد جاءت في ذلك عدة أحاديث صحيحة منها قوله عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عنه ابن عمر رضي الله عنه: ((صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)) وفيما يرويه عنه أبو هريرة: ((صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعا وعشرين درجة)) . وفيما يرويه أبي بن كعب: ((صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله عزوجل)) . وقد حرص المسلمون على أدائها بجماعة منذ العصر الأول للاسلام، وصح عن عبدالله بن مسعود أنه قال: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها الا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين