/ صفحة 92 /
ويملؤه الغرور، يود أن يفرض نفسه رباً والهاً على المستضعفين من الفقراء والاغبياء، أو من تنقصهم كفاية من الكفايات الإنسانية.
وقد كان فرعون واحداً من هؤلاء المغرورين بقوتهم، وممن لا يعترفون بسلطة فوق سلطتهم، فصاح في أهل مصر: "أنا ربكم الأعلى" و"ما علمت لكم من اله غيري" وكذلك كان النمرود: ادعى أنه الذي يعطى ويمنع ويحيى ويميت، وأكد بهذا أنه رب السلطة المطلقة على الناس.
وهذه الرغبة في السيطرة على معاش الناس وسائر أمورهم غير قاصرة على فرعون والنمرود بل اننا نجدها كثيراً في الماضي والحاضر عند الكثيرين من الملوك المستبدين والامراء والاسر، حيث يحرص هؤلاء الحكام الطغاة على أن يعتبروا أنفسهم أربابا وآلهة للرعايا، بيدهم أرزاقهم وأعمارهم، وهم وحدهم موضوع التعظيم والاجلال بل التقديس والعبادة.
ولا يختلف الأمر عن مثل ذلك في روسيا الشيوعية، فان أعضاء المكتب السياسي للحزب، وهم القابضون على زمام الحكم يفرضون على الناس تألييهم وأن يعتبروهم آلهة على رأسهم كبيرهم ستالين، وكان الأمر كذلك في ألمانيا وفي ايطاليا ولا يزال الأمر كذلك في انجلترا حيث تجتمع السلطة في أيدي عدد قليل من أرباب المصارف والرأسماليين والسياسييين فيعتبرون أنفسهم آلهة، وكلك الحال في أمريكا حيث تتركز السيادة في عدد قليل من الافراد الذين يسيطرون على حي الاعمال (وول ستريت).
وجميع النظم السياسة الضالة تقوم تقوم على أساس من تأليه الإنسان واتخاذه ربا ـ وهذا هو مصدر الشقاء والظلم وضياع الحرية.
أما إذا اتخذ الإنسان خالقة الها يعبده ويطيع شريعته ولا يشرك به أحدا، واتخذه ربا يؤمن بأنه وحده رازقه وحافظه، فانه في هذه الحالة يهتدى بهدى الانبياء ويسترد حريته ازاء أمثاله من بني الإنسان، ولا يقيد حريته الا بالاحكام الالهية.
ولم يبعث الانبياء والرسل الا لهذا الغرض، أي لتحرير الإنسان من ربقة