/ صفحة 82 /
وثمة ناحية هامة هي إزالة ذلك الوهم الدخيل الخبيث، الذي أفسد على المسلمين أمرهم، وأضاع بين العالمين عزتهم، ذلك الوهم هو أن الإسلام لا يقيم كبير ميزان للمال والاقتصاد، وأنه ينفر من الحياة الراقية، وامتلاء اليد بالخير، ويدعو إلى الفقر والاعراض عن الحياة. ان هذا الوهم الخاطئ قد استغله أعداء الإسلام للحيلولة دون سيطرته على الناس، ولإذلال المسلمين في الأرض، وما من ناحية اقتصادية كريمة الا أقام لها الإسلام لواءها واعتبارها، وهو لا يريد أهله الا أن يكونوا سادة الدنيا يجدهم وكسبهم وعمرانهم وتعاونهم، وعبدة لله وحده بعقيدتهم وتقربهم، وتقول عائشة رضي الله عنها: "ما تمتع الأشرار بشيء الا تمتع به الأخيار وزادوا عليه رضا الله" والحق تبارك وتعالى يقول: "هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا".
* * *
ومن واجبنا أن يكون شعارنا في الدعوة إلى الدين والذب عن حرماته هو : "الحجة بالحجة أولى" لأن الباطل لا يقضى عليه بكتم أنفاسه في عسف وعجلة، بل يقضى عليه بإظهار بطلانه، وإذا تسرعت فتذرعت بقوتك أو قوة غيرك فكتمت أنفاس الباطل استطال وكسب أنصاراً، واتخذ صورة الحق المهضوم المضطهد ـ مع أنه باطل، والإسلام دين الخلود والبقاء، لا يروعه تهجم، ولا يضيره نقد، بل أكاد أقول انه دين يقوى على المحن، شأن المذهب الإبريز لا يزيده تكرار عرضه على النار الا صفاء وجلاء، ولم يلاق دين في الأرض ما لاقاه دين الإسلام من احن وفتن، فقد حاربه أعداؤه بكل سلاح، وحاربه أبناؤه جاهلين أو عامدين، وتتالت على دياره الكوارث والبلايا، وتربص به الجبارون والطواغيت الدوائر، وكادوا له المكائد، وجيشوا للقضاء عليه الجيوش ومع ذلك ظل وثبت وخلد، وهذا دليل سماويته وأحقيته وأنه من عند الله، فكيف يهاب الإسلام أو يخشى المسلمون كلمة نقد أو تطاول، فيحاولوا كتمها؟ لا لا، بل دعوا الزيف أيها السادة يسعى سعيه الاثيم، ثم عجلوا بالرد عليه وتفنيده