/ صفحة 80 /
الأمراض التي تشكوها الأُمة الإسلامية نوع من المعاونة على الوصول إلى حياة دينية أفضل … وفي طليعة هذه الامراض أن كثيراً من المسلمين يتلقون عقائدهم الدينية وثقافتهم الإسلامية عن طريق التلقين والتقليد والمتابعة والوراثة، وهذا الطريق التقليدي لا يجعل للعقائد المتلقاة أثرها العميق الوثيق في نفس المتابع وعقله كما يحدث ذلك عند ما يدرس الإنسان ما يلقى إليه ويمحصه، ويعرف شواهده وبراهينه، وهذا هو السر في أننا نرى ايمان الرجل الغريب عن بيئة الأقطار الإسلامية أقوى وأهدى وأثبت من ايمان بعض المسلمين المقلدين، وما كان ذلك الا لأن هذا الغريب كان على دين غير الإسلام، ثم سمع بالإسلام فأقبل عليه يدرسه ويقارنه بسواه، فوضحت له شمس صدقه متدية رائعة، فأسلم عن دليل، وآمن عن يقين، فأخذ يعمل للإسلام ويدعو إليه، ويبذل في سبيله أضعاف ما يقدمه الكثير من المسلمين.
ومن عجب أن آيات القرآن الكريم تفيض بالدعوة إلى النظر في الآيات، وتحكيم العقل في الشواهد، والبحث في البراهين، وذلك شأن الموقن بصدقه، الواثق بحقيته، الذي يعلم أن كثرة البحث وطول التنقيب لن يزيد حقه الا وضوحا وسطوعا، ولذلك نعى القرآن على الغافلين الذين لا ينظرون ولا يبحثون فقال: "وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون" ورويت أخبار كثيرة تمجد العقل وتعلى من شأنه، وترشد إلى أنه هو الذي يهدى صاحبه إلى مواطن الايمان والاعتقاد، ومن ذلك: "ازدد عقلا تزدد من ربك تقربا". "لكل شيء دعامة، ودعامة المؤمن عقله، فبقدر عقله تكون عبادته"، "ما اكتسب رجل مثل عقل يهدى صاحبه إلى هدى ويرده عن ردى، وما ثم ايمان عبد ولا استقام دينه حتى يكمل عقله"، "العقل نور في القلب يفرق بين الحق والباطل".
ولقد كان اهمال كثير من المسلمين استخدام عقولهم في بحث الأمور