/ صفحة 79 /
والطور الرابع: هو فترة التحريف فيه والإضافة إليه والتزيد فيه وسوء الاستغلال له، ومحاولة الانحراف به عن صراطه وبأهلية عن طريقتهم المثلى، وإذا لم يقيض الله للدين من المخلصين ـ إبان هذا الطور الرابع ـ من يجدد له شبابه ويرد عليه أهابه، وينفى عنه ما ليس منه، ضعفت مكانته، وتقلصت رسالته، واندثرت معالمه.
ومن الممكن أن نقول ان الإسلام قد مر بهذه الأطوار الأربعة على وجه التقريب، مع بعض الفوارق بطبيعة الحال.
وإذا كانت أديان قد زالت أو تقلص ظلها لأن التحريف استبد بها ولم يقيض لها من ينفى الدخيل عنها، فان الإسلام العالمي العام الذي نزل به الروح الأمين من لدن رب العالمين ليكون شرعة ومنهاجا في كل زمان ومكان حتى يرث الله الأرض ومن عليها، لن يزول ولن يبيد، بل سيقيض الله له على الدوام من يذب عنه ويدعو إليه ويخلصه مما يعلق به، فالحق تبارك وتعالى يقول: "أنا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون" والرسول الكريم عليه الصلاة والتسليم وهو الصادق المصدوق يقول: "يحمل هذا الدين من كل خلف عدو له، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطين وتأويل الجاهلين" ويقول: "لا تزال طائفة من أمتي قائمة على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله".
ولا شك أن حالتنا الدينية الآن مما يثير الأسى ويستدعى الأسف، فبعد أن كان للدين سلطانه على الفرد والجماعة، أصبحنا نرى الأكثرية منصرفة عنه مهملة لفروضه وحدوده، غير ملتزمة له في شئونها الداخلية والخارجية، وأصبحنا نألف سماع الشكوى من هذه الحال، وصيحات الاستنكار لضعف الروح الديني وصرخات الرجاء في أن يقيض الله للمسلمين من الأسباب والوسائل ما يحدو ركابهم العام إلى حياة دينية أفضل مما هم فيها الآن.
ومن الأمور المسلمة أن تشخيص الداء ركن هام في معرفة الدواء، وخطوة واسعة نحو العلاج فالشفاء، ومن هنا يصح أن يقال ان النص على رؤوس