/ صفحة 8/
أنواع أكل الأموال بالباطل:
و إذا كان الباطل كما قلنا ما لا يقره عرف صحيح، ولا يبرره عقل سليم، فهو يتناول الأكل عن طريق الربا الذي يؤخذ استغلالا لحاجة الضعيف المحتاج، والذي يقتلع من النفوس معاني الرحمة والتعاون والمجاملة الكريمة، وعن طريق السرقة والغش والانتهاب والتسوّل، وما يؤخذ عن طريق التجارة أو العمل فيما حرم الله، كالخمر والخنزير والميسر والرقص، وكل ما يفسد الأخلاق، ويعبث بالإنسانية، ومن أقبح ما يتناوله أكل الأموال بالباطل ما يؤخذ من الأفراد في مقابلة الحكم لهم، أو الحكم على خصومهم، وهو المعروف بين الناس بالرشوة، ومنه ما يؤخذ بالم التوسط، في إعطاء غير المستحق وحرمان المستحق، كما يفعله سماسرة الوظائف، وذلك كله هو قوله تعالى في الآيتين "و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" وعنيت آية البقرة بذكر ما يؤخذ عن طريق الرشوة، فقالت: "و تدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون"، ذلك أن الرشوة مع ما فيها من أكل أموال الناس بالباطل - مفسدة للأخلاق، مهدرة للكفايات، مضيعة للمصالح - فضررها أشد، وعاقبتها أوخم.
لا خير في المال إلا إذا اكتسب من طريق مشروع:
وقد أرشدت سورة النساء إلى أن الأموال التي عقد الله بها الخير والصلاح، وأحمل الانتفاع بها، هي التي يكون تحصيلها عن طريق العمل المرضى بين الناس الذي لا يترك أثراً سيئا في نفوس المتعاملين "عن تراض منكم".