/ صفحة 68 /
هذا جواب الرافعي، وذاك جواب الجاحظ، وما أظنه يخفى على القارئ الحصيف أي الجوابين أولى بالاعتبار؟
ثم جاء المتأخرون من أنصار هذا المذهب فصرحوا في غير مواربة بما يقصدون من الصرفة، فابن سنان يرى أن تأليف القرآن من جنس تأليف كلام العرب، وأطال الكلام في ذلك. ثم جاء ابن حزم فصرح بأنه ليس اعجاز القرآن بأنه في على درج البلاغة. حتى قال على هذا الوجه "معاذ الله أن يكون" وقد ذكرت كثيراً من أدلته حين عرضت له في مجلة الأزهر، وبقيت بقية أنا ذاكرها هنا:
1 ـ ناقش ابن حزم خصومه في تحديدهم المقدار المعجز من القرآن وخلص من ذلك إلى أن الرأي هو أن الاعجاز بالصرفة قال: "أخبرونا ماذا تعنون بقولكم ان المعجز مقدار سوره، أسورة كاملة لا أقل، أام مقدار الكوثر في الآيات … ؟ أم مقدارها في الكلمات أم مقدارها في الحروف؟ ولا سبيل إلى وجه خامس، فان قالوا المعجز سورة تامة ـ لا أقل ـ لزمهم أن سورة البقرة حاشا آية واحدة وكلمة واحدة من أولها أو من آخرها ليست معجزة وهكذا كل سورة وهذا كفر مجرد لا خفاء به، إذ جعلوا كل سورة في القرآن سوى كلمة من أولها أو من وسطها أو من آخرها فمقدور على مثلها، وان قالوا بل مقدارها من الآيات لزمهم أن آية الذين ليست معجزة لأنها ليست ثلاث آيات ولزمهم مع ذلك أن "والفجر وليال عشر والشفع والوتر معجزة كآية الكرسي وآيتان إليها لأنها ثلاث آيات، وهذا غير قولهم ومكابرة أيضاً أن تكون هذه الكلمة معجزة حاشا كلمة غير معجزة ولزمهم أيضا أن والضحى والفجر والعصر، هذه الكلمات الثلاث فقط معجزات، لأنهن ثلاث آيات. فان قالوا هن متفرقات غير متصلات لزمهم اسقاء الاعجاز عن الآية متفرقة، وإمكان المجيء بمثلها، ومن جعل هذا ممكنا فقد كابر العيان، وخرج عن الإسلام، وأبطل الاعجاز عن القرآن، وفي هذا كفاية لمن نصح نفسه، ولزمهم أيضا أن "ولكم في القصاص حياة" ليس معجزاً، وهذا نقض لقولهم انه