/ صفحة 66 /
والتجار … ثم يقول: ولكن أن صرف أوهامهم، ورفع ذلك الفعل من نفوسهم.
ويعود فيذكر الشياطين الذين يسترقون السمع. وأنه لو كان كل واحد منهم ذكر ـ حين يريد أن يصعد ـ أنه قد رجم صاحبه كان محالا أن يروم ذلك أحد منهم، ويذكر ابليس، وأنه لو كان ذاكرا لاخبار الله تعالى أنه لا يزال عاصيا كان محالا أن تدعوه نفسه إلى الايمان، ولكن ابليس لما كان مصروف الكعب عن ذكر ذلك الخبر دخل في حد المستطيعين، ومثل ذلك أن النبي وأصحابه لو كانوا ذاكرين ما وعدهم الله من النصر ونزول الملائكة لم يكن عليهم من المحاربة مؤونة، وإذا لم يتكلفوا لم يؤجروا، ولكن الله بنظره إليهم رفع ذلك في كثير من الحالات عن أوهامهم ليتحملوا مشقة القتال وهم لا يعلمون أيغلبون أم يغلبون أو يقتلون أم يقتلون.
ثم يخلص إلى معارضة القرآن فيقول ما نصه: "و مثل ذلك ما رفع من أوهام العرب وصرف نفوسهم عن المعارضة للقرآن، بعد أن تحداهم الرسول بنظمه، ولذلك لم نجد أحدا طمع فيه، ولو طمع فيه لتكلفه ولو تكلف بعضهم ذلك فجاء بأمر فيه أدنى شبهة لعظمت القصة على الاعراب وأشباه الاعراب، والنساء وأشباه النساء، ولا لقى ذلك للمسلمين عملا، ولطلبوا المحاكمة والتراضى ببعض العرب، ولكثر القيل والقال .
فإذا ضممنا إلى هذا النص ما ذكره الجاحظ بعد أسطر من قوله: "وفي كتابنا المنزل، الذي يدل على أنه صدق نظمه البديع الذي لا يقدر على مثله العباد" إذا أضفنا ذلك استطعنا أن نؤكد مطمئنين أن الجاحظ يريد من الصرف هنا الصرف عن أي معارضة للقرآن ولو فيها أدنى شبهة، وأن القرآن غير مقدور على مثل نظمه، ويؤكد ذلك عبارته الذي ذكرها حينما عاد إلى ذكر الصرفة مرة أُخرى، فقد عاد عند الكلام على الجن واستراقهم السمع، فذكر كل هذه الأمور التي ذكرها هنا، ثم قال مجيبا: انا نقول بالصرفة في عامة هذه الاصول، وفي هذه