/ صفحة 64 /
ويذكر بعض العلماء أن أكثر العارفين على هذا المذهب، ذكر ذلك الامدي في "أبكار الأفكار" حيث قال: وذهب الأكثرون … الخ وقد سبقت عبارته، وذكره ابن حزم حيث قال: "وقالت طائفة لكونه في أعلى درجات البلاغة، وقالت طوائف بالصرفة" وذكره ابن سنان حيث قال "وهذا هو المذهب الذي يعول عليه أهل هذه الصناعة وأرباب هذا العلم" ويقول الرافعي "على أن القول بالصرفة هو المذهب الفاشي من لدن قال به النظام يصوبه فيه قوم ويا شيعه عليه آخرون، ولولا احتجاج هذا البليغ لصحته وقيامه عليه وتقلده أ مره لكان لنا اليوم كتب ممتعة في بلاغة القرآن وأسلوبه وإعجازه اللغوي، وما إلى ذلك".
وعمل خصوم هذا المذهب خلفه لنا غامضا حتى قال صاحب الطراز "و اعلم أن قول أهل الصرفة له تفسيرات ثلاثة لما فيه من الاجمال وكثرة الاحتمال" والحق أننا في حاجة إلى مراجع أكثر لنعرف حقيقة المذهب، ولكن هنا مسائل لابد من اثباتها حتى تكون منصفين:
المسألة الأولى: أن القائلين بالصرفة مجمعون على أن العرب لا يأتون بمثل هذا القرآن، فالمأثور عن النظام قوله: "الآية والاعجوبة في القرآن ما فيه من الأخبار عن الغيوب، فأما التأليف والنظم فقد كان يجوز أن يقدر عليه العباد لولا أن الله منعهم بمنع وعجز أحدثهما فيهم".
والجاحظ مع قوله بالصرفة يجعل اعجاز القرآن في أسلوبه. وابن حزم عند سؤاله عن قدرة العباد على الاتيان بمثل القرآن يجيب بأن القرآن ليس من جنس كلام البشر لا من أعلاه ولا من أدناه ولا من أوسطه، فهم متفقون على عجز العرب. وعلى أن العرب صرفوا، وعلى أن هناك جهات لا تمكن العرب من مجاراتها فقط، كما يبدو من النقل عن النظام أن التأليف والأسلوب كان في مقدور العرب لولا الصرف.