/ صفحة 430/
بين مبدأين
لحضرة الأستاذ محمد حسين شمس الدين
لبنان ـ البازورية
ــــ
تتمخض الحياة، فتلد لنا ألواناً من الحوادث الكثيرة، لكنها لا تكاد تعدو قاعدة تنازع البقاء وبقاء الأصلح، التي هي من القواعد الطبيعية الداخلية في ناموس النشوء والارتقاء، الجارية حتى في عالم الجمادات.
فإننا نرى حبة القمح ـ وهي تحت التراب ـ تتنازع بطبيعتها مع الأرض، فتتغلب عليها مستمدة قواها من أمهات العناصر الأربعة: الشمس والهواء والماء والتراب، ويقيناً لو لم تكن أصلح لما تغلبت عليها بعنف، وخرجت إلى حيث الهواء الطلق.
فالصراع العنيف، والكفاح المحتدم، والعراك المستمر في طبيعة جميع العوالم ـ لا سيما في مملكة الإنسان الخلاق في طموحه ونبوغه ـ في كل موضوع عالمي في الحياة أخلاقياً كان أم أدبياً، اجتماعياً أم سياسياً، لابد أن يستند لسبب موجب ويئول ذلك السبب إلى مصدره الأول: إلى مبدا تنازع البقاء.
وفكرة تنازع البقاء فكرة اختلجت في كثير من الأذهان الناضجة، وآمنت بها كثيرٌ من العقول الخصبة، ولعل الذي يفكر في هذا العالم، يجد أن نظرية تنازع البقاء من النظريات الحقة الصحيحة التي جبل عليها هذا العالم، وانطبع بها البشر وغير البشر بطابعها الخاص لمصلحة مقدسة، وحكمة بالغة، وغرض سام.