/ صفحة 423/
ولكن بعد فترة أو فترات يعرف أمره في صورة غير كريمة، ويكون الهجوم عليه من جوانب متعددة في غير هوادة.
إن الذي يسخر كتاب الله ويسخر القانون لتحقيق أطماع شخصية غير مستخف بقدسيتهما وما لهما من اعتبار عام فحسب، وإنما هو قصير النظر في تدبيره، فضلا أن يكون راعيا لكتاب الله أو حامياً للقانون.
ـ 3 ـ
إن الحياة مجال لتحقيق مصالح كثيرة، ولكن الطريق الواضح إلى تحقيقها هو استخدام الحكمة، والابتعاد عن اتباع الهوى. وحقاً قد يجد الإنسان صعوبات متعددة إذا ما استخدم هذا الطريق لبلوغ ما يؤمل وما يتمنى، ولكنه على كل حال الطريق الذي يجنب صاحبه زلات الهوى. وأولى هذه الزلات أن يضطهد من غيره فرداً أو جماعة حسب السبيل الذي يسلكه في اتباع الهوى، إن واضحاً صريحاً أو مستوراً معمي.
وقد بلغ أفراد كثيرون حظاً وافراً من الجاه في الحياة، وسلكوا سبيل الهوى إلى ذلك، وظن بعض الناس أن هذا الجاه باق لهم جيلا أو أكثر، أو أنه إذا ذهب عنهم ففي بطء وتدرج، لا يدركه الناظر العادي في فترة واحدة من فترات الزمن، لكن كثيراً ما ينقلب الأمر فجأة وتشتد العواصف وتتوارد الأحداث على صاحب هذا الجاه، حتى إذا ما سلم بدنه منها لم يسلم تاريخه بعد أن لم تسلم نفسه من آثارها.
سواء في ذلك الذين وصلوا عن طريق التفسير المذهبي أو عن طريق التقنين، إلى ما ظنه غيرهم جاها أو سلطانا.
إن الحياة هي الحياة: لها قوانينها التي لا تتخلف، وإن طالت فترة الزمن قبل أن تظهر آثارها العملية. وقليل من الناس هم الذين يدركونها فيتبعونها، أما الكثرة منهم فيضطرون بعد الشذوذ عنها إلى معرفتها، ولكن بعد أن يعجزهم الزمن من جديد عن استخدامها استخداماً صحيحاً مرة أُخرى.