/ صفحة 422/
كالجاه، والشهرة، أو تكتل بعض التابعين لهم حول تعاليمهم، وكذا قوانين الأمة لا يخضع تغييرها دائما لعوامل التطور المحلية أو الخارجية؛ بل قد يكون الباعث عليها حماية صاحب السلطة القائمة وصيانة حقوق اكتسبها قبل الشعب المحكوم، كما قد يحمل على تعديلها ضمان الحكم لمدة طويلة في جانب أحد الأحزاب السياسية قبل الأحزاب الأُخرى، أو ضمانه في جانب كتلة من هذه الأحزاب ضد بقيتها، حتى الهيئات الدولية العامة لا يتخلف الباعث على تعديل قوانينها عن رعاية بعض المصالح الخالصة لبعض المشتركين فيها.
مثل هذه التفاسير والقوانين يحمل عليها الهوى، وترمي إلى تحقيق الأماني الخاصةِ، ولأن كتاب الله ـ بإسناده إلى الله جل وعز، وتعالى عن أن تكون له أماني خاصة ـ له طابع الاعتبار العام، فكذلك ما يتصل به من تفسير وتأويل قد يكتسب هذا الطابع، ولأن القانون من شأنه أن يحمى مصلحة الجماعة ـ وهي مصلحة عامة ـ قد يبعد عنه احتمال أنه يهدف إلى رغبة خاصة. ولذا كان تسخير التفسير لكتاب الله، وتسخير إصدار القوانين لتحقيق مأرب خاص من الأمور التي يجل خطرها أولا لما لها من صبغة الاعتبار العام وما شأنه ذلك وسيلة من وسائل التلبيس على الناس، فيطيعون باسم كتاب الله أو باسم القانون، وهم في واقع الأمر مسوقون في سبيل تحقيق بعض الرغبات الفردية، وثانيا لأن ضرر ذلك يتناول أفراداً كثيرين، وهم مجموع المتدينين بالكتاب المنزل، أو من تتكون منهم الأمة التي صدر فيها القانون، ولا يتناول فحسب الغير المباشر لمن اتبع هواه في وضوح وفي غير تستر، وهو صاحب الضرب الأول.
وتفسير كتاب الله على هذا النحو ضرب من ضروب التحريف له، كما أن إصدار مثل هذا القانون تعدٍ على قدسية القوانين وما لها من اعتبار.
إن الذي يتبع هواه في تحقيق رغباته الشخصية اتباعاً واضحاً، أمره مكشوف للناس وللتاريخ فيما بعد. ومقاومته من الناس أيسر. أما الذي يحقق هواه في ظل ما له طابع عام، فيتستر حيناً من الزمن وراء ذلك، وتصعب مقاومته أول الأمر