/ صفحة 421/
به ثانية، لأن ارتفاعه به قد يكون لفرصة واتته، هي أن الآخرين قد استكانوا له لأمر ما. وهؤلاء بما فيهم من طبيعة الكفاح لابد أن يثأروا لهزيمتهم هذه، قرب زمن أخذهم بالثأر أو بعد.
فليس من مصلحة الشخص نفسه إذن أن يتبع هواه في سلوكه، أو أن يسر إذا ارتفع بهواه في فترة من فترات حياته.
ـ 2 ـ
واتباع الهوى لتحقيق الأماني الخاصة في وضوح وفي غير التواء أقل ضرراً من اتباعه في جانب ما له الطابع العام: فقد يتبع بعض المفسرين هواهم في تفسير كتاب الله، وقد يتبع المقننون هواهم في إصدار القوانين العامة. وضرر اتباع الهوى في هذين الضربين الأخيرين مثلا أشد أثراً وأكثر ضرراً من اتباع الهوى في الحالة الأولى، سواء على الشخص المتبع هواه فيهما أو على الحياة العامة التي تأثرت بهما.
فقد يكون المفسر صاحب مذهب معين يتعصب له فيوحي به أثناء تفسيره لكتاب الله ويرغب إلى الناس أن يتبعوه عن هذا الطريق على أنه المقصود من كلام الله. وقد يكون الحرص من المشرع على تحقيق رغبة خاصة في تشريعه هو الباعث له على إصدار تشريع عام. وكل من النمط السابق في التفسير، وهذا الضرب من التقنين يدعي لنفسه الاعتبار العام، وبالتالي يحاول إلزام الناس عن رضي باتباعه.
فحمل بقية أفراد الجماعة على الأخذ بالتفسير، أو على اتباع القانون الذي يتضمن لك منهما تحقيق رغبة خاصة لا يخلق في نفس الغير الذي يحمل على الاتباع عدم التقدير فحسب، وبالتالي الرغبة في عدم الطاعة، بل يكوِّن فيها معنى الثورة ضد صاحب التفسير أو صاحب القانون إذا استمر أحدهما في إلزام الناس بالاتباع.
إن تعدد التفاسير للكتب المنزلة لا يرجع باستمرار إلى ضرورات التوضيح التي تجد في العصور المختلفة؛ بل كثيراً ما يعود إلى رغبة المفسرين في ترويج مذهب معين أو رأي خاص، يرجون من وراء ترويجه تحقيق بعض الأماني الشخصية