/ صفحة 418/
لصاحبه، ولم يؤثر أن مالا ضاع عند أحدهم، وهو لو شاء غاب عن ذلك التاجر واستحل ماله، فهو لا يقدر عليه لأنه لا يعرف مكانه ولا قبيلته ولا صفته لأن على وجه نقابا.
هؤلاء هم البرابرة من قبيلة (لمتونة) الذين يسمونهم الملثمين أو التوارق، وهم المرابطون الذين لعبوا دورا بارزاً في تاريخ المغرب الإسلامي، وأسسوا له دولة ضم سلطانها بلاد المغرب وبلاد الأندلس، وأخرت جلاء المسلمين عن أسبانيا فترة طويلة من الزمن.
سموا بالمرابطين لأنهم رابطوا في الصحراء مراراً يدفعهم من تحلل سكان المدن، والميوعة التي أصبحوا عليها بتاثير الانغماس في النعيم والإقبال على الالتذاذ بالحياة الدنيا والإسراف في ذلك إلى أبعد حد حتى فقدوا الرجولة وفقدوا الأخلاق، وحببت إليهم الحياة على أية حالة، فحياتهم الموت في كل صورة وحالة.
بقي هؤلاء في صحرائهم على الدين القويم والخلق الكريم، والرجولة والبطولة، يدعون إلى الله، ويتحدون مع من والاه، حتى جمعوا العدد والعدد، فأخذوا يهاجمون الأطراف، يدعون الناس للرجوع إلى الدين باسمين، فذاع صيتهم، وتوالت انتصاراتهم، خصوصاً بعد أن تولي قيادة جيوشهم المظفرة يوسف ابن تاشفين، الشخصية اللامعة في تاريخ المغرب الإسلامي، بين منشئ الحكومات وبناة الدول، فمن سنة 462 هـ حيث ابتدأ ظهور دعوة المرابطين إلى سنة 542هـ حيث خلفهم في المغرب الموحدون، أنشأوا أمة، وكونوا دولة ذات جيوش وأساطيل بحرية ضحمة ـ وبعد أن تم لهم الأمر في المغرب الإسلامي أجابوا دعوة مسلمي الأندلس الذين تفرقوا شيعاً وفقدوا روح الإسلام، فلان ملمسهم، وهان أمرهم على الأعداء، فهاجموهم من كل جانب، وكادوا يزحزحونهم عن مواقعهم ويجلونهم عن مساكنهم، لو لا أن تداركهم الله، فسخرلهم قائد الملثمين أو المرابطين يوسف بن تاشفين، فلبي النداء، واستجاب لطلب النجدة، فنقل من المغرب إلى