/ صفحة 416/
أما المرأة فإنها مقيمة على تدبير المنزل وتربية الأبناء وحماية المكاسب ورعى الماشية ورعايتها وهي تحمل السلاح لنذود به الحيوانات الضارية لا للأحتماء من الصوص فليس هناك لصوصية، والأمن باسط رواقه، قوامه الدين والخلق، لا السلطان والقوة، وفي الرجال متعلمون وفي النساء متعلمات، وعواصم العلم التي ينهلون منها هي شقيط وتميكتو، وعواصم السودان العامرة بالزوايا المقامة هناك لنشر العلم والدين، والمرأة هي التي تعلم الأبناء إلى أن يصبحوا قادرين على تلقي الدروس، وعند ذلك يرسلون إلى تلك العواصم للتمكن من علم الدين وحفظ القرآن بالخصوص وهم يقولون الجاهل منا يحرر رسائله بنفسه.
ومما يحكي عنهم في خصوص مسألة اللثام إنه إذا وقعت حروب وسقط فيها منهم قتلى وانكشفت وجوههم لا يعرف أحد من أي عائلة هم حتى يردوا لوجوههم النقاب، وعند ذلك يعرفون ـ والنقاب عندهم على ثلاثة ألوان ـ فالنقاب الأسود للاشراف، والنقاب الأزرق للأعيان وأصحاب المال، والنقاب الأبيض العملة والاجراء والعبيد، واتصالهم بالنسب النبوي الشريف يأتي من تزويج بناتهم للأشراف بمراكش رغبة في حصول النسل الشريف منهم، لأن الشريف بينهم هو الحاكم المطاع.
وهم يتكلمون اللغة البربرية إلى جانب العربية، واللغة البربرية عندهم لها أحرفها وكتابتها، ولهم مؤلفات في الدين والتاريخ مكتوبة باللغة العربية والأحرف البربرية زيادة عن المؤلفات العربية الصرفة.
لقد علمتهم الصحراء للصبر، واقتحام المشاق، وشظف العيش والوثوق بالله في اقتحام تلك المجاهل التي لا يعرف خطورة اقتحامها إلا من رآها، سماء زرقاء صافية، تحتها بحر من الرمال لا ساحل له، ليس به طريق أو علامات الطريق، لابناء تأوى إليه، ولا شجر يظلك، ولا حجر تستدل به على شيء، ولا ماء إلا عيون مغطاة بجلود الجمال، تكانفت عليها الرمال، يعرفها الخريتون منهم، قد تجدها مرة وقد يصبح ماؤها غورا فل تستطيع له طلبا، قد ينقد منهم الماء، ويشتد بهم