/ صفحة 413/
قال ابن حجر، إنما أنكر تحلقهم على ما لا فائدة فيه ولا منفعة، بخلاف تحلقهم حوله، فإنما كان لسماع العلم.
من أبي معاوية الكندي قال:
قدمت على عمر بالشام، فسألني عن الناس فقال: لعل الرجل يدخل المسجد كالبعير النافر، فأن رأى مجلس قومه، ورأى من يعرفهم جلس إليهم، فقلت: لا، ولكنها مجالس شتى، يجلسون فيتعلمون الخير ويذكرونه، قال: لن تزالوا بخير ما دمتم كذلك.
أخرج ابن ماجة في سننه عن عبد الله بن عمرو، قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم من بعض حجره، فدخل المسجد فإذا هو بحلتين إحداهما يقرءون القرآن ويدعون الله، والأخرى يتعلمون ويعلمون، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كل على خير، هؤلاء يقرءون القرآن ويدعون الله فإن شاء أعطاهم، وإن شاء معهم، وهؤلاء يتعلمون ويعلّمون، وإنما بعثت معلما فجلس معهم.
لما قدم وفد ثقيف على الرسول صلوات الله عليه بعد غزوة تبوك سنة تسع ضرب لهم قبة في ناحية المسجد ليسمعوا القرآن، ويروا الناس إذا صلوا، فيتأثروا بقراءتهم، ويحاكوهم في صلاتهم، وهذا خير أسلوب في التربية الخلقية، ونشر الثقافة الدينية.
ذكر أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه (مشكل الصحيحين): أن عبادة ابن السامت كان يعلم أهل الصفة الكتابة والقرآن.
(وأهل الصفة هم فقراء المهاجرين ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه، فكانوا بأوون إلى موضع مظلل من مسجد الرسول يسكنونه).
تقول دائرة المعارف الإسلامية (لعل هذا هو الأصل في اتخاذ مساكن الطلبة في المدارس، لأن المساجد القديمة كانت تحوي مساكن لهم، والمدرسة إنما كانت على صورة المسجد مع زيادة الأدوات اللازمة للتعليم والطلبة.