/ صفحة 408/
فضل المسجد على الثقافة الإسلامية
لحضرة الأستاذ عبد الوهاب حمودة
أستاذ الأدب الحديث بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول
إن للمسجد على الثقافة الإسلامية فضلا واسع المدى، فسيح الأرجاء، متعدد الجوانب، مختلف النواحي، فقد كان ميدانا للتعاليم الثقافية والتداريب الحرببية، وكان معرضاً للفنون الاسلامية، ومجالا للمباريات الأدبية، فلا غرابة إذا فصلنا الحديث عنه، وأسهبنا القول فيه وقاولناه بالبحث والدرس، وبيننا ماله من الأثر العظيم في الحضارة الإسلامية ومقومات الأخلاق الدينية.
لفظة (المسجد) مأخوذة من الفعل (سجد).
وللفعل (سجد) في اللغة العربية معان متعددة جاءت بها اللغة قيل الإسلام ثم تطورت في عهده وأخذت معنى إسلامياً جديداً.
جاء في لسان العرب أن مادة (سجد) تدل على الانحناء والتطامن إلى الأرض يقال: سجد الرجل إذا طأطأ رأسه وانحنى.
وفي الحديث: كان كسرى يسجد للطالع، أي يتطامن وينحني (والطالع هو السهم الذي يجاوز الهدف من أعلاه) والمعنى أنه كان يسلم لراميه ويستسلم هذا هو المعنى الحسي للمادة في أول استعمالها.
ثم انتقلت اللفظة إلى المعنى المعنوي، فأصبحت تدل على الخضوع والتذلل فكل من ذل وخضع لما أمر به فقد سجد، ومنه قوله تعالى: (يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجداً لله وهم داخرون) أي خضعا متسخرة لما سخرت له.
ويستعمل أيضا السجود بمعنى التحية، ومنه قوله تعالى في سورة يوسف: (وخروا له سجدا) أي سجود تحية لا عبادة.