/ صفحة 407/
وإذا بها معنونة بأنها إعلان ودعوة إلى جميع الدول المشتركة في الهيئة وغير المشتركة فيها برجاء العمل على بث هذه الآراء وعرضها وقراءتها وشرحها وعلى الأخص بالمدارس، حتى يمكن التسليم بصلاحيتها، والعمل تدريجياً على الإيمان بها، ومفاد ذلك أن الهيئة التي وجهت هذا الأعلان لم تدع أنه ملزم للدول الأعضاء ولا لغيرها، وما كانت لتستطيع أن تدعي ذلك وليس له بمصر قوة ملزمة ما لم يصدر بأحكامه قانون من السلطة التشريعية المحلية، الأمر الذي هو محل شك كبير بعد هذا الذي بأن وسلف من أن كل تشريع لكي يكون دستوريا مشروعا يجب أن لا يتعارض مع أصل من أصول الإسلام والأحكام الأساسية، للشريعة المحمدية.
على أنه مما يحلو للباحث أن يشير إليه في هذا الصدد أن بعض المبادئ التي تضمنها هذا الإعلان غير مطبقة في الولايات المتحدة (أمريكا) نفسها وهي مهد تلك الهيئة التي تنادي بتلك المبادئ وتعتبرها مثلا عليا، ذلك أن المادة الثانية من هذا الإعلان تنص على أن لكل إنسان جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه دون أي تمييز بسبب الفرق أو اللون أو الجنس أو اللغة والدين ـ والتمييز بسبب اللون في أمريكا أمر معروف بلغ التشدد فيه حداً أهدرت معه حقوق الملونين فأضحوا كالمنبوذين في الهند، حرمت عليهم أحياء البيض بملاهيها ومطاعمها وفنادقها، ولا تزال الحكومة الأمريكية تناضل جاهدة في التخفيف من حدة عدم مساواة السود بالبيض ـ أما المساواة الحقة وخير ما كُرّم به بنو الإنسان من نصقة وحرية وإخاء ومساواة في الحقوق والواجبات فقد أتى بها الإسلام منذ نيف وثلاثة عشر قرنا من غير ما نظر إلى فوارق الجنس أو اللون أو العصبية (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعرفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) صدق الله العظيم، وصدق رسوله الكريم إذا يقول: (فلا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ـ اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي رأسه كالزبيبة).
(للبحث بقية)