/ صفحة 395/
(ولهذا لم بعد من الممكن أن يرى في تاريخ الإسلام قصة كقصة الخصام بين الدين والعلم، ولا قضية كقضية الفصل بين الدين والدولة، ولا مذاهب تتضافر على القول بضرورة استبعاد الدين عن حرم العلم.
(ثم إن الدين في الإسلام، ليس له مصلحة في أن يقف في وجه العلم، بعد أن امتنع أن يكون له رجال وهيئات كهيئات الإكليروس، يحلون ويعقدون على نحو ما يجري إلى اليوم (1).
(من أجل هذا، كان سوء السمعة الذي اكتسبته بعض الأديان لما صاحب تاريخها من قتل الناس صبراً في غرف التعذيب، وتقديم نوابع العلماء طعمة للنيران في ساحات المدن الكبرى باسم الدين، يجب أن لا ينسبح على الإسلام بوجه من الوجوه.
على أن مفهوم الدين في الإسلام، على ما اعتقده كمسلم، ليس ـ في جوهره ـ سوى تحقيق قوله تعالى (اتقوا الله) وما تقوى الله في واقع الأمر، سوى توفير العنصر الأخلاقي في شئون الحياة.
(فإذا كانت السياسة في الإسلام يجب أن تخضع لإطار الدين، فالمقصود من ذلك، أن تخضع لمبدأ أخلاقي، ينفي عنها الظلم والعدوان، سواء في داخل البلاد أو خارجها. وإذا كان الاقتصاد يجب أن يظل في أطار الدين أيضاً، فلأن العرض في ذلك أيضا، هو ترسيخ اقتصاد البلاد على قاعدة أخلاقية، هي عدم إفساحه المجال لمظلمة، بحيث يسود نظام التكافؤ في المغرم والمغنم بين جميع الفرقاء المتعاملين سواء كانوا عمالا أو رأسماليين.
(فالدين في الإسلام إذن، عبارة عن العنصر الأخلاقي، وتحقيق وجوده في كل مرفق من مراق الحياة، وليس شيئاً آخر. وهو ما عبرت عنه الكلمة المأثورة (الدين المعاملة) أي المعاملة الحسنة الحالية من الظلم بأنواعه. وهو
ــــــــــ
في 2 مايو سنة 1949 أصدر البابا منشوراً حرم فيه زواج الكاثوليكية من الأورتودكسي والبروتستنتي و... الخ (الأب بولس كوسا. دليل الزواج المسيحي. ص32).