/ صفحة 389/
مبدأ خطيرا في الحياة السياسية عند العرب، الا أنك تلمس في الوقت نفسه أن الصياغة فيه جاءت على أسلوب حكاية حال على خلاف ما عودنا القرآن في التشاريع الأُخرى، فإنه لما فرض الجهاد أي نظام لجندية قال (كتب عليكم القتال وهو كره لكم) فعبر عنه بصيغة الفرض والإلزام. كذلك لما شرع نظام الصيام عبر عنه بالصيغة نفسها فقال (يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم).
ولا عجب في ذلك، فإن من أول مبادئ الإسلام مراعاة حال الأمة واستعدادها، وطبقاً لهذا الاستعداد نأتي صيغة التشريع على حسب مقتضي الحال. ولما كان العرب شديدي الشعور بشخصياتهم، لا ينقادون لرؤسائهم إلا طواعية وعن طريق الإقناع، وكانت المعارضة طبيعة فيهم، فقد وجد نظام الشورى أليق بهم، لأنه يساير طبائعهم، ويتمشى مع سجاياهم، ولما كان هذا النظام عميق الجذور في الطبيعة العربية جاء النص عليه كحكاية الحال، على خلاف ما ذهب إليه الأستاذ عباس محمود العقاد، حين قرر في كتابه (الديمقراطية في الإسلام) أن العرب لم يعرفوا الديمقراطية إلا في عصر الإسلام.
المبحث الثاني:
ما مصدر السلطة السياسية في الإسلام؟
ــــــ
لم يبلغ على أن أحداً من الباحثين تعرض لموضوع مصدر السلطة السياسية في الإسلام من قريب أو من بعيد، وأفضل ما بين يدي من مراجع لا تشير إلى هذا الموضوع إلا إشارات غامضة لا تغني أبداً.
فالدكتور حسن إبراهيم حسن يقول في كتابه (النظم الإسلامية) صفحة 63 إن الخلافة العباسية أوجدها الفرس الذين يقولون بنظرية الحق الملكي المقدس The Divine Right of Kings بمعنى أن كل رجل لا ينتسب إلى البيت