/ صفحة 390/
المالك، ويتولى الملك يعتبر مغتصباً لحق غيره، لذلك أصبح الخليفة العباسي بحكم بتقويض من الله، لا من الشعب، كما يتجلى ذلك من قول أبي جعفر المنصور (1) (إنما أنا سلطان الله في أرضه) وذلك يخالف ما كانت عليه الخلافة في عهد الخلفاء الراشدين الذين استندوا سلطانهم من الشعب، يدل على ذلك قول أبي بكر عقبت توليثه الخلافة: (إن أحسنت فشجعوني وإن أسأت فقوموني بحد سيوفكم).
وعبد الرحمن بن خلدون في مقدمته الشهيرة يقول (الملك الطبيعي، هو حمل اكافة على مقتضى الغرض والشهوة، والسياسي، هو حمل الكافة على مقتضى النظر العقلي في جلب المصالح الدنيوية ودفع المصار. والخلافة، هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي).
ثم أوضع رأيه قليلا في الحكومات الإسلامية فقال: إن الخلافة الخالصة كانت في الصدر الأول إلى آخر عهد على، ثم صار الأمر إلى الملك، وبقيت معاني الخلافة من تحري الدين ومذاهبه والجرى على منهاج الحق. ولم يظهر التغيير إلا في الوازع الديني. كان (الوازع) ديناً ثم انقلب عسبية وسيفا. وهكذا ان الأمر لعهد معاوية ومروان وابنه عبد الملك والصدر الأول من خلفاء بني العباس إلى الرشيد وبعض ولده، ثم ذهبت معاني الخلافة ولم يبق إلا اسمها، وصار الأمر ملكا بحتا وجرت طبيعة التعلب إلى غايتها (فصل انقلاب الخلافة إلى ملك من المقدمة).
فيرى القارئ من هذا، أن مصدر السلطة السياسية في دولة الراشدين في رأي الأول (الشعب) وفي دولة العباسيين (الخليفة) بتفويض من الله. بينما يذهب ابن خلدون إلى أن القانون وحده كان مصدر السلسة في دولة الراشدين. وأما في دولة الأمويين وصدر من دولة العباسيين إلى عهد الرشيد وبعض ولده،

ــــــــــ
نحن لا نوافق الدكتور حسن على هذا الرأي، فقد كان المنصور من كبار العلماء بشهادة الإمام مالك، وقولته هذه لا بدل على اعتناقه نظرية الحق الإلهي، وإن كان المستشرقون قد حدعوا بها.