/ صفحة 379/
ويستدرك أخيراً، فيرى أن يبتدع اصطلاحا جديدا لهذه الحكومة فيقول أن الأصدق أن تسمى الحكومة الإلهية الجمهورية Thio-democracy لأنه قد خول فيها للمسلمين حاكمية شعبية مقيدة، تحت سلطة الله القاهرة، وذلك فقط، في الأحوال التي تستدعي إيضاح نص من نصوص الشريعة.
وقد أبان الأستاذ أبو الأعلى مودودي الأسباب التي تدعو في رأيه إلى حرمان الدولة أو جمهور المسلمين من حق التشريع قائلا: إن الإنسان لا يستطيع أن يكون شارعا لنفسه بنفسه، لأنه إن نجا من شرور عبوديته للآلهة الكاذبة، فإنه غير ناج من عبوديته لشهواته. وقد ضرب مثلا على ذلك بالأمة الأمريكية التي أصدرت قانونا بمنع تعاطي الخمر لثبوت ضررها بالصحة من الوجهتين العقلية والعلمية، ثم عادت فأباحتها. وقد تساءل عن سبب هذه الاباحة، هل عادت الضارة عندهم نافعة بدليل علمي أو عقلي؟ (ص 38 ـ 39).
والغريب أن نجد الأستاذ مودودي يسمح بعبارة خاطفة أن يضع جمهور المسلمين قوانين فرعية أو أنظمة ولوائح ضمن المبادئ العامة لما يعرض لهم من الحوادث بعد تلك التقريرات الشديدة في منعهم من التشريع. على أنه لم ينس أن يستدرك على هذه الحال بقوله: أما إذا تعدوا هذه الحدود فلا بد أن يختل نظام المجتمع البشري اختلالا تاما (ص 39).
ثم يشرح رأيه في نظرية الخلافة فيقول إن الله هو الحاكم الحقيقي في الإسلام وكل من تبوأ مركز الحاكم في دولة لإسلام فهو خليفة لله. بل عنده أن المؤمنين كلهم خلفاء لله، على اعتبار أن هذه الخلافة التي أوتيها المؤمنون خلافة عمومية Populor Vicegerency وقد بنى نظريته هذه على نصوص الكتاب والسنة وهو قول الكتاب: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وقول السنة (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) (ص 49 ـ 51).