/ صفحة 378/
ثم راح يشرح نظرية الإسلام السياسية ويقول: إن دعامة النظرية السياسية في الإسلام) ومبدأها الأساسي أن تنزع جميع سلطات Powers الأمر والتشريع من أيدي البشر منفردين ومجتمعين، ولا يؤذن لأحد منهم أن ينفذ أمره في بشر مثله فيطيعوه، أو ليسن قانوناً لهم فينقادوا له ويتبعوه، فإن ذلك أمر يختص بالله وحده، لا يشاركه فيه أحد غيره كما قال هو في كتابه: (إن الحكم إلا لله) (يقولون هل لنا من الأمر من شئ؟ قل إن الأمر كله لله). (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام). (ومن لم يحكم بما أنزل الله، فأولئك هم الظالمون) (ص 29 ـ 30).
ثم يلخص الخصائص الأولية للدولة الإسلامية فيقول إنها في ثلاث:
ليس لفرد أو أسرة أو طبقة أو حزب أو لسائر القاطين في الدولة نصيب من الحاكمية، فإن الحاكم الحقيقي هو الله، والسلطة الحقيقية مختصة لذاته تعالى وحده، والذين من دونه في هذه المعمورة إنما هم رعايا في سلطانه العظيم.
ليس لأحد من دون الله شئ من أمر التشريع، والمسلمون جميعاً ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، لا يستطيعون أن يشرعوا قانوناً ولا يقدرون أن يغيرو شيئا مما شرع الله لهم.
إن الدولة الإسلامية لا يؤسس بنيانها إلا على ذلك القانون المشرع الذي جاء به النبي من عند ربه مهما تغيرت الظروف والأحوال، والحكومات التي بيدها زمام هذه الدولة لا تستحق طاعة الناس إلا من حيث إنها تحكم بما أنزل الله وتنفذ أمره تعالى في خلقه (ص 31 ـ 32).
ثم يستنتج من ذلك، أن هذه الخصائص ليست ديمقراطية ولا جمهورية لأن الديمقراطية والجمهورية، منهاج للحكم الذي تكون فيه السلطة للشعب جميعاً فلا تغير فيه القوانين ولا تبدل إلا برأي الجمهور. وعلى هذا لا يصح إطلاق كلمة الجمهورية أو الديمقراطية على نظام الدولة الإسلامية. بل الأحرى أن يقال الحكومة الإلهية Thio-cracy.