/ صفحة 369/
(ص 5) وغيره من كتب الرجال (إن مشايخ الإمامية يوثقون المخطئين في الاعتقاد، كما يوثقون المصيبين من غير فرق، فيقبلون حديثهم، ويسمونه الموثق).
إن هذا الاجتهاد ا لذي خالف فيه الشهيد الثاني علماء مذهبه أجمعين مع علمه واعترافه بوجود هذا الإجماع لهو خير شاهد على أنه باستطاعة الإنسان أن يتحرر من قيود البيت والمدرسة، وتقاليد الآباء والأجداد، وعلى أن سلطان العقل النير أقوى من كل سلطان.
بهذا الروح الكريم وهذا العقل الخصب، يجب أن تفسر الشريعة السهلة السمحة.
والعدالة التي يشترطها الشيعة في الشاهد والقاضي ومرجع التقليد وإمام الجماعة في الصلاة هي العدالة في الظاهر، لا في الواقع، قال الإمام الصادق: (لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إلا شهادة الأنبياء والأوصياء، فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا، ولم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر، وشهادته مقبولة، وإن كان في نفسه مذنبا) (1).
لا يجب التدين بقول الرسول في غير الأمور الدينية:
قال الشيخ محمد حسن الاشتياني في كتابه بحر الفوائد في شرح الفرائد ج 1 ص 267: (إن الرسول قد يخبر عن الشئ باعتبار كونه شارعا ومبلغاً عن الله سبحانه ومأموراً بتبليغه عن العباد، وقد يخبر لا من هذه الحيثية، بل يخبر عن شئ لا دخل له بشريعة سيد المرسلين، مثل كيفية خلق السموات والأرض والحور والقصور، وما إلى ذلك مما لا يرجع إلى الإخبار عن الأمر الديني، فما كان من هذا النوع فلا إشكال أنه لا يجب التدين به بعد العلم به ـ أي بعد العلم بصدوره عن الرسول ـ فضلا عن الظن به) (2)
ــــــــــ
(1) كتاب آيات الأحكام للشيخ أحمد الجزائري ص 309، طبع سنة 1337 هجرية.
(2) كان هذا الشيخ الجليل من علماء القرن الثالث عشر الهجري، وهو من كبار مراجع الشيعة الإمامية، وكتابه هذا بحر الفوائد المعروف بحاشية الاشتياني على الرسائل، يقع في مجلدين، طبع في إيران بالطبع الحجري سنة 1315 هجرية، وموضوعه الأصل الرابع من أصول الفقه، أي الأدلة العقلية على الأحكام الشرعية.