/ صفحة 368/
لهما تاريخهما وعظمتهما، إحداهما في العراق، والثانية في مصر، يبحثان في موضوع واحد، ويهدفان إلى شيء واحد: إلى نشر الشريعة الاسلامية، ثم لا يكون بينهما أي نوع من أنواع التعارف والتعاون.
إن في كتب الشيعة الامامية اجتهادات لا يعرفها الخواص من علماء السنة، ولو اطلعوا عليها لقويت ثقتهم بالشيعة وتفكيرهم، وكذا الشأن بالقياس إلى كتب السنة وعلماء الشيعة، إن اطلاع كل فريق على ما عند الآخر من أقوى البواعث على تمهيد السبيل للتقريب بين الأخوة، من حيث يدرون أو لا يدرون.
وبعد هذا التمهيد الطويل الممل أنتقل بالقارئ الصبور المحتسب إلى بعض الأمثلة من اجتهادات الشيعة الامامية.
شهادة أهل المذاهب والملل:
قال الشهيد الثاني في كتاب المسالك باب الشهادات (1): (اتفق أصحابنا على أنه لا تقبل شهادة غير الشيعي الاثنى عشري، وإن اتصف بالإسلام، وفيه نظر، لأن الشرط في قبول الشهادة أن لا يكون للشاهد فاسقا، والفسق إنما يتحقق بفعل المعصية، مع العلم بكونها معصية، أما مع اعتقاد أنها طاعة، بل من أهم الطاعات، فلا يكون عاصيا، ومن خالف الحق في الاعتقاد لا يعتقد المعصية، بل يزعم أن اعتقاده من أهم الطاعات، سواء أكان اعتقاده صادرا عن نظر أم تقليد، وبهذا لا يكون ظالما، وإنما الظالم من يعاند الحق مع علمه به، وهذا لا يكاد يتحقق في جميع أهل الملل مع قيامهم بمقتضاها بحسب اعتقادهم).
وهذا القول يتفق مع أصول الشيعة، حيث يثبتون أحكام الشريعة بحديث من خالفهم في الاعتقاد، إذا اجتنب الكذب، ففي كتاب نهج المقال للبهبهاني
ــــــــــ
(1) هذا الكتاب مجلدان كبيران جمع أبواب الفقه بكاملها، وطبع مرات عديدة في إيران بالطبع الحجري، وهو للشهيد الثاني زين الدين العاملي الحيفي، استشهد سنة 966 هـ، وله مؤلفات كثيرة، يرجع الشيعة إليها ويعتمدون عليها.