/ صفحة 363/
فيه فرد، ثم إن الأفكار تتغير بتغير الزمن،بل تختلف في زمن واحد حول موضوع واحد، ربما يظن من البديهيات، فإذا أردنا أن نعالج النقص بحذف ما نراه ـ نحن ـ أنه من الإسرائيليات، ورأى غيرنا أنه من صميم الإسلام أو العكس، فأينا يكون على الحق؟ وما هو المقياس الصحيح؟.
إن الذين أوصلوا إلينا هذا التراث بذلوا غاية جهدهم في تسجيله وتحقيقه وتصحيحه، فلا يجوز أن نقطع بتخطئتهم، فإن ما يخالف عقولنا اليوم كان يوافق عقلية أبناء العصور السابقة، ومن واجبنا أن نحمل هذا التراث إلى من بعدنا، وقد يصل رجال الغد في أمره إلى ما لم نصل إليه ـ ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
أما مسألة معالجة ما ينافي التوحيد: فإن المسلمين الذين اعتنقوا الإسلام بفضل دعوته الصريحة لا شك أنهم موحدون وليسوا بمشركين.
والقرآن الكريم الذي هو عصب الدعوة الإسلامية، والذي لا يختلف اثنان في قداسته والأخذ به، والذي هو نسخة موحدة لا تختلف في حرف ولا رسم في العالم الإسلامي كله، هذا القرآن وحده كفيل بتربية الموحد، ومن يجرؤ أن ينكر هذا؟ ومع ذلك هناك مسائل تراها طائفة أنها شرك كالتوسل بأصحاب القبور أو الشفاعة مثلا، فهل نعالج هذه المسائل على أساس التوحيد الخاص بتلك الطائفة؟ أو نعالجها بما يتفق ورأي كثير من المسلمين الذين لايرون في ما يمس فكرة التوحيد؟ وهناك مسائل كلاميه ليست وليدة اليوم، وإنما ورثناها عن أقطاب الفكر والبحث وغواصي المعرفة في كل طائفة ممن كونوا لنا مدارس فكرية نعتز بها إلى اليوم. فعلى أي أساس نعالج هذه المسائل وماذا يكون المقياس؟.
وهناك مسائل ترتبط بالعصبيات إلى حد بعيد، كتفضيل صحابي على صحابي، فربما رأى باحث غير هذا، أو رأى أن يسجل بعض المآخذ على بعض الأصحاب،