/ صفحة 355/
هي حكايات عن مفروض متخيل، لا واقع له تنطبق عليه وإنما هي تخييل في تخييل، واختراع في اختراع (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا).
فساد هذا الرأي ومنافاته لقدسية القرآن:
وهذه آراء فضلا عما لها من نتائج سيئة تذهب بقدسية القرآن من النفوس، وتزيل عنه روعة الحق، وتزلزل قضاياه في كل ما تناوله من عقائد وتشريع، وأخيار ماضية، وأحوال مستقبلة، وتفتح لكل إنسان أن يقول في كل هذا: ليس له مدلول ولا واقع يدل عليه، وإنما هو إما مجاراة لخطأ أو تخييل سيق لمجرد بعث الرغبة أو الرهبة أو العظة، وتقويم النفوس وإصلاح المجتمعات، ولا يلزم أن يكون لما سيق لهذا الغرض واقع صحيح ينطبق عليه.
هذه الآراء فضلا عما لها من تلك النتائج السيئة هي فاسدة في قلبها لأن القرآن عربي، نزل بلغة العرب، وقانون اللغة المتواتر يقضي بحمل الكلام على ظاهره، وما تدل عليه ألفاظه من المعاني المعروفة لها عد المخاطبين، ما لم يمنع من ذلك الحمل مانع، فيصار تحت ضغط هذا المانع إلى التأويل كالمتشابه، أو التخييل كما في رءوس الشياطين، وكما في (قالتا أتينا طائعين) وعندئذ فقط يصرف الكلام عن ظاهره. ولترجع إلى ما شرحنا به مناهج الناس في فهم القصص القرآني لتشييع نفسك مما كتبناه هناك (1)
هذا ما أردنا التعليق به في شأن الحواريين، وفي شأن المائدة، ونرجو أن تكون قد لفتنا به أنظار المؤمنين بالله وبما أنزل على رسوله ـ من كتاب يهدي إلى الحق، ويقص الحق ـ إلى ما يقتحمه أراب الهوى في فهم القرآن وتحريفه، ونسبة التخييل إليه بمحاولة إخراجه في أسلوب روائي لمعان مخترعة لا تتصل بالواقع، ولا تصف ما أظله الوجود.

ــــــــــ
العدد الثالث من السنة الأولى، من ص 222 ـ 230