/ صفحة 347/
المفسرون اختلافا بين العلماء في أنهم: هل كانوا مؤمنين؟ فيرى بعضهم أنهم كانوا غير مؤمنين، ويرى آخرون أنهم مؤمنون، ولعل منشأ هذا الاختلاف هو ما جاء في كلامهم لعيسى (عليه السلام) وهم يسألونه المائدة من قولهم (هل يستطيع ربك) وهو يشعر بشكهم في قدرة الله على إنزال المائدة، وفي إضافة كلمة (رب) إلى خصوص عيسى إشعار واضح بتبرّيهم من ربوبيته لهم، وهو نظير إضافة فرعون كلمة إله إلى موسى في قوله: (لعلى أطّلع إلى إله موسى) ومن قولهم: (ونعلم أن قد صدقتنا) وهو واضح في أن قلوبهم لا يزال مرض التكذيب يلعب بها. وما جاء في كلام عيسى (عليه السلام) لهم: (واتقوا الله إن كنتم مؤمنين) فإنه يدل على عدم وثوقه بإيمانهم. ثم ما جاء في الآيات الأُخرى التي ذكر فيها الحواريون وقد أوردناها بنصها آنفا، وهي صريحة في إيمانهم وإخلاصهم في الإيمان وواضحة في نصرتهم لعيسى.
اتخذ فريق من العلماء ما جاء في آية السؤال، أصلا في معرفة حالهم، وقال إنهم كانوا كافرين، شاكين في قدرة الله، شاكين في صدق عيسى، وعيسى شاك في إيمانهم قالوا: دلت آية السؤال على هذا، ولم يرد في شيء من الآيات الأُخرى أن الله شهد بإيمانهم أو قرر أنهم مؤمنون).وانما جاءت كلها تحكي ادعاءهم أنهم امنوا بالله:(قالوا امنا، وأشهد بأننا مسلمون). (قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين). وقد أظهر سؤالهم لعيسى في شأن المائدة حقيقة ما تنطوي عليه قلوبهم من شك في ربهم، وشك في قدرته، وشك في أن عيسى صدقهم كما ظهرت حقيقتهم من جواب عيسى لهم. وبهذا كله رأى هذا الفريق من العلماء أن الحواريين كانوا كافرين.
أما الفريق الآخر فقد اتخذ الآيات الأُخرى أصلا في معرفة حالهم، وقالوا إنهم كانوا مؤمنين، فقد أمتنَّ الله بإيحاء الإيمان إليهم، واعتبره نعمة يذكرّ بها عيسى ضمن نعمه الأُخرى عليه: (وإذا أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا