/ صفحة 346/
أن نستطرد بتعليق وجيز على هذه الآيات لبان ما تدل عليه فيما يختص بالحواريين وبالمائدة وضعاً للحق في نصابه، وقطعاً لألسنة تحاول تحريف الكلم عن مواضعه ابتغاء شهرة زائفة، أو فتنة جامخة.
الحواريون:
الحواريون: هي جمع حواري، والحواري لعيسى (عليه السلام) كالأنصاري لمحمد (عليه السلام)، وأصل الحواري في اللغة: الأبيض النقي اللون، وكانت العرب تسمي نساء المدن حواريات لبياضهن ونقائهن من قشف البدو. ثم استعمل الحواري بمعنى النقي الخالص في غير اللون، وبهذا اطلق اللفظ على خلصاء عيسى الذين صفت قلوبهم من الكفر والنفاق، وخلصت لنصرته وتأييده، وبادروا إلى الإيمان به فتلقوا عنه التعاليم وبثهم في القرى للقيام بدعوته، وقد جاء ذكرهم في الأناجيل باسم (التلاميذ) أما القرآن فقد ذكرهم باسم (الحواريين) في أربعة مواضع، هذا أحدها. والثاني في الآيات التي قبل هذه الآيات: (وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون). والثالث في سورة آل عمران، وذلك حيث يقول وهو بصدد الحديث عن إرسال عيسى إلى بني إسرائيل: (فلما أحسّ عيسى منهم الكفر قال من انصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين). والرابع في سورة الكهف، ولك حيث يقول: (يأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريون من أنصاري إلى الله؟ قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين).
اختلاف المفسرين في إيمانهم:
هذه هي الآيات التي عرضت لذكر الحواريين في القرآن الكريم، وهي مع وضوحها في أن الحواريين كانوا مؤمنين مذعنين بربهم وبقدرته، ومخلصين لعيسى في تلقي رسالته والعمل على بشرها، وصدقهم في نصرته ـ مع هذا ـ يحكي