/ صفحة 334 /
ويملأ جميع المفكرين والعاملين بالروح الإسلامي الذي ينبغي أن يسيطر عليهم في جميع تصرفاتهم، وفي شتى اختصاصاتهم ونشاطهم.
فالثورة الإسلامية ينبغي أن تقوم في أذهان الجماهير، وأن تتناول حياة الجماعة في شتى مظاهرها، وبذلك تتأسس الدولة الإسلامية معتمدة على إيمان الجميع، ويتبع ذلك أن يصير جميع عمالها وموظفيها من أصغرهم إلى أكبرهم قادرين على النهوض بأعبائها والمحافظة عليها، وقد نشأت الثورات ونجح منها ما نجح بفضل هذا السبب، وهو تكوين رجالها تكويناً عقلياً يناسب مبادئها وأفكارها، والتزامهم في حياتهم سيرة تجري على نظامها، هكذا كان شأن الثورة الفرنسية والثورة الشيوعية الروسية، والثورة الوطنية الاشتراكية الألمانية، لها جميعاً أصول وجذور ثقافية وخلقية ونفسية أوجدها قادة الفكر، ويمكن أن تقوم الثورة الإسلامية على أساس حركة يقودها مفكرون يستمدون أفكارهم من القرآن ومن سنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم).
وليس معقولاً أن تحدث الثورة الإسلامية نتيجة لحركة وطنية أو قومية تعتمد على مذهب تقص في الأخلاق أو أي تعليم أوربي آخر بادي النقص والعيوب حتى للمنصفين من أهله.
ومن جهة أُخرى فان التعليم الشائع الآن في أكثر المدارس والكليات في البلاد الإسلامية مقتبس عن الغرب. وهو كفيل بأن ينتج رجالاً يصلحون للعمل سكرتيرين أو وزراء في نظم الحكومات القائمة، ولكنه لا يستطيع أن ينتج شيئاً لدولة إسلامية، بل إنه لا يستطيع أن يمدها حتى بحاجب لمحكمة إسلامية، ولا بشرطي للشرطة الإسلامية، وكذلك حال التعليم الضيق الجامد في البلاد الإسلامية أيضاً لا يمكنه أن يمد المجتمع العصري بقاض واحد صالح أو بوزير مالية أو بمدير للتعليم، وذلك لأن هذا التعليم القديم لا يمهد لإنشاء الدولة الإسلامية المنشودة، وقد مهد بالعكس لما آلت إليه دول الإسلام من ضعف وهوان.
وينبغي أن لا نغتر بحكومة قومية للمسلمين ليست ذات صفة إسلامية، وإن الحكام المسلمين الذين يزهون بأنهم مسلمون، دون أن يعملوا لتحقيق أهداف