/ صفحة 335 /
الإسلام، ودون أن يتبعوا أحكام الدين، هؤلاء شر من حكام غير مسلمين لأنهم أقل خوفاً وحذراً وأكثر جرأة ووقاحة في قمعهم للثورة الإسلامية، هذا النوع من الحكومة القومية لا يساعد على تحقيق الثورة الإسلامية.
الحركة الإسلامية:
والإسلام حركة تهدف إلى إنشاء المجتمع على أساس (السيادة) الإلهية، أي على أساس من القول بأن الله هو مصدر السلطات، وهذه نظرية ليست جديدة لأن أنبياء الله جميعاً دعوا إليها، وإذا أردنا تطبيق هذه النظرية تطبيقاً سليماً فعلينا ان نحذو حذو القائلين بها في أعمالهم. ولنا نحن المسلمين أسوة بنبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) فعلينا أن نقتدي به وحده لتحقيق هذا الهدف العظيم، فقد كان النبي يرى أن جميع الشرور التي تقع بالإنسان ترجع إلى أصل واحد، وهو ادعاء الإنسان بأنه مستقل وأنه غير مسئول، وهذا هو الشرك بعينه.
والخطوة الأولى للإصلاح الاجتماعي هي إيمان الإنسان بأنه ليس للعالم إلا سيد واحد، وهو الرب لا رب معه، والحاكم لا شريك له، وعندما دعا النبي إلى عقيدته لم يلجأ إلى طريقة غير مباشرة، ولم يعمد إلى اكتساب الجماهير لمؤازرته، وذلك بإغرائهم بوعود الإصلاح الاجتماعي، ولم يلجأ إلى البحث عن السلطة المدنية لينشر دعوته وهو معتمد عليها، ومعنى ذلك أن للحركة الإسلامية مبدأ واحداً رئيسياً هو الدعوة إلى التوحيد، أو الإيمان بأن لا إله إلا الله. وينبغي أن يفهم من هذا أن التوحيد ليس مجرد عقيدة دينية، بل هو أساس متين للحياة الاجتماعية، لأنه يتضمن الاعتراف بربوبية إله واحد يخضع الإنسان له، فلا يطيع إلا أوامره، ولا يعترف بقوانين غير قوانينه.
وينتهي المؤلف بالكلام عما أحدثته دعوة الرسول وسيرته في نفوس العرب من تحول جوهري في أخلاقهم وطباعهم وعقولهم، وذكر أن هذه الثورة الإسلامية وما تضمنته من حروب بين النبي والمشركين لم تكلف إلا ألف قتيل أو ألفاً ومائتين من المسلمين والمشركين، وهذا شيء لا يذكر إذا قيس إلى النتائج الهائلة التي أدى إليها انتصار الإسلام.