/ صفحة 328 /
نسبة مئوية على قدر خاص كما حدد في الزكاة، بل جعل الإنفاق واجباً وترك تحديد (ما ينفق): النسبة للمؤمن وفق ما يمليه عليه إيمانه وأمانته امتحاناً لإيمانه وأمانته ووعد بحسن الجزاء من ينفق طيبة نفسه، وتوعد من يحبس مال الله عن عباد الله بعذاب أليم.
وشاء الله سبحانه أن يؤكد معاني العزة والكرامة التي ألزم المؤمن بها، في نفس المؤمن الفقير حتى لا يشعر بذلة أو مهانة، وحتى لا يسمح لغني بأن يُشعره بذلك، فأكد أن المال هو مال الله استخلف فيه عبداً من عبيده لينميه، وينفق منه فيما أمر به، فقال سبحانه: (وأنفقوا من مال الله الذي آتاكم). (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) وسمى ما يأخذه الفقير (حقاً معلوماً) ولم يسمه: (أوساخ الناس، أو منحة منهم، أو شحاذة وتوسلا) كما يقول مرضى العقول الذين خدعتهم ثقافتهم، وهنا يقول الاشتراكيون من قبل (كارل ماركس) ويردد الشيوعيون اليوم: إن الإسلام نظام رأسمالي احتكاري لأنه يقر الملكية الفردية والتوسع فيها، ويتجاهلون ما وضعه الإسلام من وسائل تضمن للناس ألا يكون المال دولة بين الأغنياء منهم، ونظرته إلى رأس المال والعمل (1).
ويقول الرأسماليون اليوم لما شعروا بيقظة الروح الإسلامي في الشرق يقظة يتوقعون من ورائها القضاء على استعمارهم للشرق واستغلاله: إن الاسلام نظام شيوعي أو مثله، لأنه يجعل مال الأفراد مال الله: (الدولة) ويجعل العمل صنواً لرأس المال، ويعطي العامل حصته من أرباح عمله، ويسوي بين الناس في كل شيء، حتى إنه ليسلط الفلاح البسيط على الحاكم يراقبه ويحاسبه، ويقترح عزله الخ ما نشرته بعض الصحف السويسرية اليهودية في الشهور الأخيرة. وفات هؤلاء أن الإسلام إنما شرع ما شرع ضماناً للحريات العامة، وتحقيقاً للعدل الاجتماعي والمساواة، وتوفيراً لأسباب السلام.
ــــــــــ
(1) راجع بحث الأستاذ اللبابيدي (الاقتصاد الإسلامي) في العدد الثالث من السنة الثالثة لهذه المجلة.