/ صفحة 329 /
5ـ يدعو الإسلام إلى إلغاء الفواصل والحدود بين الشعوب وجمعها تحت لواء واحد، فيما يسمى (بالوطن الإسلامي) لأنه يدعو إلى عالمية سياسة توجهها مبادؤه. في الحرية والأخوة والمساواة والعدالة والمحبة التعاون ومنهجه الخلقي القويم، ويقرر أن أساس العلاقات بين الناس كافة: أفراداً وجماعات هو السلام (يأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) وأوجب على المؤمن إذا دُعي إلى خطة سلم أن يتبعها ويدخل في السلم غير ذليل ولا مخادع (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم، وإن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) وليست الحرب إلا طارئاً (من خطوات الشيطان) الذي يوقع الناس في البغضاء، ويصدهم عن سبيل الله، ولا يلجأ إليها المسلمون إلا عند تعذر الاستمساك بالسلام والأخذ بأسبابه، حين يكون السلام استسلاماً وجبناً ومذلة، وهي لن تكون من جهة المسلمين عدواناً بحال من الأحوال (ولا تعتدوا انالله لا يحب المعتدين) وإنما هي دائماً لرد عدوان يقع على المسلمين أو دعوتهم، أو ظلم نازل بالمسلمين في مكان ما، أو لحماية الدعوة وتأمينها، أو لصيانة الحدود والدفاع عنها. ولهذا أوجب الإسلام الجهاد.
ورغم أن عالمية الإسلام القويمة المسالمة قد سلمت من استعباد الشعوب، واستغلال مواردها، وحرمانها من حقوقها الفطرية، وهي أمور اقترنت بالعالمية التي دعت إليها الفلسفة اليونانية، إذ حاولت جمع أكثر من شعب واحد في نطاق حضارة واحدة، ولكنها كانت تتسم بكلمة أرسطو عن الرقيق: (هم من غير اليونانيين. لأن اليوناني لا يمكن أن يسترق لأن ذلك يعطل مواهبه، ولذلك يجب أن يكون الرقيق من غير اليوناني. من البرابرة (الافريقيين والسيويين) لأن استرقاق غير اليوناني لليوناني. يرقيه وينمي مواهبه.. الخ).
وقد اتبع الرومان ذلك أيضاً، ودعوا إلى عالمية استعمارية على نمط نظرية شيخ الفلاسفة، ويتبع المستعمرون من الغربيين اليوم هذه النظرية الأرسطية)