/ صفحة 326 /
الواحد القهار خالق الجميع، وتحطيم ألوهيات البشر، والتسليم المطلق لأوامر الله وأخذها بالرضى دون تردد أو شك، والاحتكام إليه سبحانه في كافة الأمور، لأنه الحاكم الحقيقي، ووصف (الحاكمية) ثابت له وحده سبحانه (إن الحكم إلا لله أمراً لا تعبدوا إلا إياه) (قل إن الأمر كله لله) وذلك انتزع الإسلام من أيدي البشر سلطة التشريع تحقيقاً للمساواة بينهم في نسبتهم إلى الخالق الحاكم، فليس لفرد، ولا لأسرة أو طبقة، حق التحكم في الناس، أو استعبادهم بأمر أو نهي أو تشريع لم يأذن به الله، وليس لإنسان ـ ولو كان رسولاً ـ أن يتعبد الناس بشيء من ذلك إلا بسلطان من الله مبين (وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا) بوصفه رسولاً يبلغ عن الخالق المالك الحاكم ما أنزله إلى عباده، وبهذا قضى الإسلام تماماً على التحكم الفردي والاستبداد الأسري(1)، وأنصف البشرية وأكرمها غاية الإكرام.
3 ـ النظام الإسلامي يقرر الحرية المطلقة والمساواة التامة بين الناس، والأخوة الإنسانية والإسلامية، والتضامن الجماعي بين الفرد والجماعة، في سبيل صالح الفرد والجماعة، والرقابة الشعبية على قادة الشعب وحكامه، ويقرر أن الأمة مكلفة مسئولة ويمنحها من السلطان على حكامها، ما لا يسمح به أي دستور حديث، فلها حق التولية وحق العزل وما هو فوق العزل. ويوجب أن يكون الحكم مستنداً إلى شورى الأمة، ويعطي كل فرد مسلم حق اختبار الحاكم وحق الشورى ما دام عاقلاً عالماً خبيراً بالأمر الذي يبحث، ولا يقيد هذا الحق بقيد غير هذا فلا يشترط سناً ولا نصاباً مالياً، ولا صفة عنصرية أو طبقية، ولا يهدر أهلية الفرد إلا بجريمة موجبة لذلك.. ومن هنا يقع بعض الناس في الخطأ فيقول: النظام الإسلامي (السياسي) جمهوري أو ديمقراطي. ويتناسى أن الجمهورية تعني حكم الجمهور (أغلبية الشعب) بوساطة من يختارونه بالانتخاب العام (على درجة
__________
راجع بحث عناصر وجود الأمة الإسلامية في العدد الثاني من السنة الثانية لمجلة (رسالة الإسلام) وكتابنا عصر الراشدين ـ الخلافة.