/ صفحة 319 /
فقد قالوا إن السيدة عائشة رضي الله عنها تولت قيادة الجيش في واقعة الجمل لمقاتلة حزب علي رضي الله عنه.
وإيراد هذه الواقعة على هذا الوجه ليس فيه إنصاف للحقيقة والتاريخ. فإن السيدة عائشة لم تخرج محاربة ولا قائدة لجيش محارب، وإنما خرجت داعية للمطالبة بدم عثمان رضي الله عنه، وقد دفعها إلى ذلك أنها كانت ساخطة ـ كغيرها من أهل عثمان وأشياعهم ـ على خطة التريث والتمهل وعدم المبادرة بالبحث قبل كل شيء عن قتلة عثمان والاقتصاص منهم. وهذا أمر ليس من الولاية العامة في شيء كما قلنا.
على أن صنيع السيدة عائشة هذا ليس فيه دليل شرعي يصح الإستناد إليه. فإنه كان عن اجتهاد منها. وكانت مخطئة فيه. وقد أنكر عليها بعض الصحابة هذا الخروج، فاعترفت بخطئها وندمت على خروجها.
وفي ذلك يروي الحافظ ابن حجر في شرح صحيح البخاري يقول: أخرج عمر بن شبة من طريق مبارك بن فضالة عن الحسن أن عائشة أرسلة إلى أبي بكرة ـ تدعوه إلى الخروج معها ـ فقال: إنك لأم وإن حقك لعظيم. ولكن سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: (لن يفلح قوم تملكهم امرأة) ولم يخرج معها أبو بكرة.
وورد كذلك من طريق قيس بن أبي عاصم قال: لما أقبلت عائشة فنزلت ببعض مياه بني عامر نبحت عليها الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟ فقالوا: الحوأب فقالت ما أظنني إلا راجعة. فقال لها بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم. فقالت: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لنا ذات يوم: (كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟) وأخرج هذا أحمد وأبو يعلى والبزار والحاكم وصححه ابن حبان وسنده، على شرط الصحيح.
وورد من طريق عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله