/ صفحة 284 /
العصبية التي يمنى بها المسلمون على مر العصور! (وأما بقية الأحكام) فقد أخذت عليها بأنها صريحة المخالفة للكتاب. فلا وجه لها لأنها في قبالة النص الصريح!
وقد أجابت (رسالة الإسلام) عن المآخذ التي أوردتها بإجابات:
أما عن المأخذ الأول فقد أجابت بما مفاده أن موضوع الحكم هو المؤلفة قلوبهم بوصف التأليف، وهو فعل مصلحي إنما يلزم في ظرف الحاجة إليه بنظر الإمام. فإذا فعله كان ذلك منه اعترافاً بالحاجة إليه، واعترافاً بوجود موضوع الحكم، فيجب إعطاؤهم نصيبهم في الزكاة، وإذا لم يفعله فإنما ذلك لعدم اعترافه بالحاجة إليه، ويلزمه عدم الاعتراف بوجود الموضوع، فلا يجب إعطاؤهم منها. إذ الحكم يدور مدار موضوعه وجوداً وعدماً، فإذا انتفى الموضوع لانتفاء بعض أجزائه وهو الوصف، فينتفي حكمه بانتفائه، فالخليفة الثاني لم يرفع الحكم مع وجود موضوعه حتى يقال إنه نسخ حكماً كتابياً بلا سند شرعي، وإنما رفع الحكم لعدم وجود موضوعة، فهو قبيل السالبة بانتفاء الموضوع لا من قبيل السالبة المحصلة مع وجوده حتى يكون من باب النسخ، ثم إنهم أوضحوا الجواب بأنه لا يوجد الآن (رق) الذي هو أحد مصارف الزكاة، فلا يقال إذا منع الإمام الرق فامتنع نصيبه من الزكاة ـ إنه نسخ حكماً كتابياً، لأن الأمر أمر انعدام الصنف الذي هو موضوع الحكم، لا نسخ الحكم مع وجود موضوعه، فالمناقشة في حاجة الإسلام يوم ذاك إلى التأليف أو عدم حاجته مناقشة في أمر اجتهادي لا علاقة له بموضوع النص، ويؤخذ على هذا الجواب.
أولاً: ما أفصحنا عنه من أن ظاهر أخذ وصف في موضوع حكم دخالته نفسه في الحكم وعليته له لا شيء آخر، فالتأليف علة للحكم لا الحاجة إليه، ولا هو في ظرف الحاجة، فالموضوع موجود بوصفه ولا معنى لرفع حكمه و(قطع استمراره الزماني) إلا النسخ وهو من شئون المشرع لا يجوز لأحد سواه!.
وثانياً: لو سلم ذلك. وأن التأليف فعل مصلحى لا يلزم إلا في ظرف الحاجة ولكن الحاجة المعتبرة فيه إنما هي بنظر المشرع للحكم، فإن الأحكام الشرعية