/ صفحة 267 /
جعل من أغراض حملته في مصر بحث واستخلاص ما بها من كنوز تاريخية وأثرية وثقافية، واستقدم معه جمهرة من علماء بلاده للافادة من تلك الكنوز.
حاصل البحث:
ويمكن تحصيل ما سلف وتركيزه في كلمات قليلة توضح المقصود، وذلك:
أن الشريعة الإسلامية ظلت لها السيادة التشريعية في مصر طوال ثلاثة عشر قرناً غير منازعة في ذلك ولا مدافعة.
إن منح البطريكخانات ولاية القضاء لمن يتبعونها في المسائل الشخصية عند اتفاق المتقاضين لم يكن انتقاصاً من تلك السيادة، لأن ذلك هو حكم الإسلام في شأن الذميين.
(ج) ان الامتيازات الأجنبية التي منحت للأجانب، انقلبت في آخر القرن التاسع عشر الميلادي إلى أغلال تحد من تلك السيادة نوعاً ما.
(د) كان إنشاء المحاكم المختلطة محاولة لفك تلك الأغلال ولإلغاء سبعة عشر محكمة قنصلية، ولذلك اقتت بخمس سنوات.
(هـ) لما تشبثت الدولة الأجنبية ببقاء المحاكم المختلطة يسندها الاحتلال الانجليزي في ذلك، فكر في إنشاء محاكم أهلية نظامية، تطبق فيها قوانين المحاكم المختلطة المستقاة من قانون نابليون يدخلها قضاة أجانب، حتى تطمئن الدول، ويمكن إلغاء المحاكم المختلطة.
(و) رغم أنه كان المعروف أن المحاكم الأهلية مؤقتة لعلة الغاء المحاكم المختلطة، فقد وضحت نية المشرع عند نقل القوانين المختلطة إلى المحاكم الأهلية في أن لا تكون مخالفة للشريعة الإسلامية وعرف إذ ذاك أن قانون نابليون متفق ومذهب مالك.
(ز) ان فترة الاضطراب التشريعي في مصر التي صاحبت الاطضراب السياسي وبدأت في أواخر القرن الماضي، واستمرت إلى وقت إلغاء المحاكم المختلطة بإلغاء الامتيازات الأجنبية؛ إن هي إلا حدث طارئ لا يمكن ان يطغى على تراث ثلاثة عشر قرناً من الزمان.