/ صفحة 266 /
وظناً من نوبار باشا بأنها ستكون محاكم مصرية، ولكذذذذذذنها سرعان ما افتاتت على القضاء المصري الشرعي في اختصاصه، وزعمت أن لها الاختصاص في الفصل في القضايا حيثما وجد الصالح الأجنبي، ولو كان المتخاصمون مصريين كما زعمت أن مجرد وجود دين لأجنبي على عقار مصري كافٌ لجر جميع المنازعات والأقضية بشأنه إلى ساحتها، ثم عمدت إلى عدم احترام الاحكام المصرية من أهلية وشريعة، فكان لا بد من التفكير في إيجاد حلٌ، وذهب أصحاب فكرة إنشاء المحاكم المختلطة إلى التفكير في إنشاء محاكم أهلية، وكلف قدري باشا بوضع قانون مدني ذي مواد مبوبة نقلاً عن أحكام الشريعة الإسلامية فوضعه، ثم فكر بعد ذلك في تطبيق قوانين المحاكم المختلطة أمام المحاكم الإهلية أو في أن يقتبس لقوانينها من الشرائع الأجنبية حتى إذا ما اطمأن الأجانب إليها أمكن إلغاء المحاكم المختلطة (راجع مناقشات مجلس الوزراء في جلسة 2 من نوفمبر لا؟؟؟1882).
والذي نود أن نبرزه في هذا الصدد أن ولي الأمر إذ ذاك لم يدر بخلده أن ينتقل إلى المحاكم الأهلية قوانين تنافض أحكام الشريعة الإسلامية بدليل أنه عهد إلى قدري باشا بوضع قانون مدني يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية، وبدليل ما ثبت من أن الخديو اسماعيل عندما فكر في أن ينقل إلى مصر قانون نابيليون أمر بترجمته، ثم دفع به إلى الشيخ مخلوف المنياوي لمراجعته، ومعرفة مدى انطباق أحكامه على أحكام الشريعة الإسلامية، وانتهى الشيخ طيب طيب الله ثراه من مراجعة 2277 مادة منه، وعلق على كل واحدة منها، وحاصل ما انتهى إليه أنها جميعاً عدا مواد قليلة، إما توافق نصاً في مذهب الإمام مالك، أو توافق الرأي الراجح منه، أو على الأقل رأياً ولو كان مرجوحا أو أنها مماثلة لشيء من ذلك، أو أنها يمكن تخريجها على قواعد وأصول ذلك المذهب، أو أنها من قبيل المصالح المرسلة التي ترك الإسلام لأهله الاجتهاد فيها كل مصرٌ بحسب ظروف زمانه ومكانه وبيئته، وفي ذلك العهد شاعت القالة بأن قانون نابليون مأخوذ عن مذهب مالك، ولعل ذلك هو منشأ هذه المقالة، أو لعل لها أصلاً من الصحة، إذ المعروف أن نابيلون