/ صفحة 264 /
يغدو تشريعاً غير دستوري، واجب الإهدار والاطراح، إذ الإسلام يزيل ويرفع كل ما يتعرضه.
وذلك لأن شرعة الإسلام ظلت تحكم هذه البلاد ثلاثة عشر قرنا دون نكير أو مخالف، وكانت للمحاكم الشرعية ولاية القضاء كاملة في جميع الأقضية من مدنية إلى جنائيه إلى شخصية، ولا يغر من هذا القول، أن سماحة الإسلام حدت بالسلطان محمد الفاتح حينما فتح القسطنطينية عام 1453 إلى أن يقر بطرق الروم الراهب جناديوس في وظيفته، وجعل له السلطة على أتباعه في المسائل الروحية وولاية القضاء، بحيث يقوم بجباية الجزية منهم. كما أقر أيضا أيضاً بطرق الأرمن الراهب يواقيم على مثل ذلك، وتتالت هذه المنح من السلاطين والأمراء، لا يغير ذلك من سيادة الشريعة الإسلامية على جميع القاطنين بالدول الإسلامية، إذ أن ترك أهل الذمة وهم الكتابيون والمجوس على ما يدينون لقاء دفع الجزية إنما هو حكم الإسلام بنص القرآن في شأن الكتابيين، وبنص السنة في شأن من لهم شبهة كتاب كالمجوس، حيث قال نبينا: (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) وقول الإمام على رضى الله عنه: (أنا أعلم بالمجوس كان لهم كتاب يدرسونه وعلم يعلمونه) وما روى من قول المغيرة لأهل فارس وهم مجوس / (أمر نبينا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية) وكذلك حديث بريدة وعبدالرحمن بن عوف، لا يغير ذلك من الأمر شيئاً، وعلى الأخص إذا ما علم أن الخط الهمايوني الذي أصدره السلطان (خليفة المسلمين إذ ذاك) في 10 من جمادي الآخرة سنة 1273 هـ. (18 من فبراير سنة 1856 م) أعاد تنظيم البطريكخانات في الدولة العلية، وكان مصر من دويلاتها، وقصر اختصاصها على دعاوي الأحوال الشخصية بشرط اتفاق الأخصام المتقاضين، فإن اختلفوا كان الاختصاص للمحاكم الشرعية إذ هي صاحبة الولاية العامة في القضاء، فلما انفصلت مصر عن تركيا عام 1915 م، صدر القانون رقم 8 لسنة 1915 م ينص على "السلطات القضائية الاستثنائية المعترف بها حتى الآن في الديار المصرية تستمر إلى حين الإقرار على أمر آخر على التمتع بما كان لها من حقوق عند زوال السيادة العثمانية).