/ صفحة 25/
قد نعلم أن واثنين أربعة، ثم نعلم أجزاءها ومضاعفاتها، أما سائر ال.شياء فنعرف أعراضها، ولا نعرفها، وكأنا منحنا عقلاليس من طبيعته أن بعرف شيئا عن الحقائق، وكل الذي يعرفه الإنسان لو كان ذكياً أن يوجه سلوكه في الحياة حسب طبائع الأشياء وحقائقها. ولذلك أنصف أصحاب مذهب البرا جما تزم إذا أنكر واقدرة العقل على معرفة الحقيقة، وقصروه على معرفة الوسائل للغايات. والذين يشتغلون بالعلوم ويقولون إنهم وضعوا قوانينها كقوانين الجاذبية وقوانين الطبيعة والكيمياء، لا يزعمونها شرحا للحقائق، ولكن شرحا لأوصافها، وحتى هي شرح لصفاتها الظاهرة، لا صفانها الباطنة، إنك تقول إن فلانا يحبني وفلانا يكرهني، ولكن، ما حقيقة الحب والكره؟ لا نعرف! قد تكون معرفة الفن أسهل من معرفة العلم، أو بعبارة أُخرى أسهل من معرفة الحقيقة، لأن الفن عمل، والعلم فهم، ونحن على العمل أقدر منا على فهم الحقائق، ولذلك سهلت الحياة، لأنها فن، وصعبت معرفة الحقائق، لأنها علم، إنك تستطيع أن تعلم أنك إذا صنعت القطار على نمط صحيح لا يصطدم، ولا تخرج عجلاته، وتستطيع بقدر الإمكان أن تتقى الأحداث، وتستطيع أن تترقب النجاح في عمل إذا سرت فيه سيراً حسناً، لأن هذه كلها فن لا علم، وحتى أنت في هذه عرضة للخطأ، فقد يحدق ما ليس في الحسبان، ويخرج القطار عن القضيب، ويصطدم بجاموسة مرت عرضاً في الطريق، وتصطدم سيارتك بمالم تقدَّر مطلقا أنها تصطدم به فكيف الحقائق المجهولة؟
إن كان ذلك كذلك، فكيف نأمل أن نعرف للعقل والنفس وحقيقة الشعور وما إلى ذلك، كل ما نتحدث به عن هذهع الأشياء ألفاظ جوفاء، وتشدق سخيف، لا حقيقة وراءه، ولو أنصف مؤلفو المعاجم، ومحاولو التعريفات، لكفواعن